×

أخر الأخبار

الاغتيال السياسي في العراق.. من رصاص تأسيس الدولة حتى قصف منزل الكاظمي

  • 29-01-2022, 09:23
  • 725 مشاهدة

 

مرصد الجمهورية..


في العاشر من أبريل عام 2003 أي بعد يوم واحد من سقوط العاصمة بغداد بيد قوات التحالف الدولي وانهاء حكم نظام صدام حسين، قُتل مجيد الخوئي نجل المرجع الشيعي الراحل أبو القاسم الخوئي، ليفتتح بذلك تاريخ جديد من الدم والرصاص بعمليات الاغتيال السياسي في ما عرف بـ"الديمقراطية الجديدة".


وللاغتيال السياسي في العراق، تاريخ طويل ومعقد، منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1920، حيث تعدد طرق وأساليب الاغتيالات من السم والطعن والدهس والرصاص وغيرها، وصولاً إلى محاولة لاغتيال رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي حيث تم قصف منزله بالمنطقة الخضراء بطائرات مفخخة مسيرة ادت إلى إصابة عدد من أفراد حمايته بجروح متفاوتة.


ومن الأسماء البارزة التي تعرضت للاغتيال بعد سقوط بغداد، عبد المجيد الخوئي رئيس مؤسسة انسانية حملت اسم العائلة في لندن، وقد عرف بنزعته نحو الاستقلال عن البيت الشيعي وطموحه السياسي داخل العراق.


كما أن زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق؛ رجل الدين المعروف محمد باقر الحكيم، من الاسماء البارزة التي تعرضت للاغتيال بعد أدائه لمراسم زيارة مرقد الإمام علي، بتفجير مهول أم الصحن الحيدري أدى إلى مقتل وإصابة المئات غيره، حدث ذلك نهاية أغسطس من العام 2003.

وبعد الخوئي والحكيم، وفي الخامس والعشرين من ايلول عام 2003، فارقت عضو مجلس الحكم عقيلة الهاشمي، وهي واحدة من النساء الثلاثة اللاتي عُيّن في مجلس الحكم الانتقالي في العراق بعد تشكيله، متأثرة بجراحها، وذلك بعد خمسة أيام تعرضها لنيران مسلحين مجهولين، ليكون بعدها عز الدين سليم رئيس مجلس الحكم الانتقالي أحد ضحايا الاغتيال السياسي في العراق بتفجير انتحاري استهدف موكبه في بغداد.


بعد ذلك توالت سلسلة الاغتيالات السياسية التي طالت زعامات عشائرية ودينية وسياسية، ومفكرين وإعلاميين وحتى أدباء ومشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى ملاحقة الناشطين المدنيين والمتظاهرين والمحليين السياسيين، واغتيالهم بطرق شتى، ما اضطر الكثيرين إلى ترك العراق وطلب اللجوء في دول العالم.


ويرى الكاتب العراقي صباح شاكر العكام، إن الاغتيال هو عملية قتل متعمدة تستهدف شخصية ذات تأثير فكري أو سياسي أو عسكري، ويكون الاغتيال لأسباب عقائدية أو سياسية أو اقتصادية، ولا يشترط أن يكون الاغتيال بإطلاق الرصاص.


وقبيل الانتخابات الأخيرة التي رفضتها بشدة الاحزاب الولائية، وراهنت على الغائها لكنها فشلت في ذلك، شهد العراق موجة من الاغتيالات ذات الطابع السياسي، لرفض معادلة سياسية معينة، خصوصاً بعد احتجاجات أكتوبر في العام 2019 والتي انتجت انتخابات مبكرة واستقالة حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي المقربة من إيران. 


أما منير العلي وهو كاتب ومحلل سياسي فيشير إلى أن "ما جرى من اغتيالات بعد العام 2003 كانت بقصد فرض اجندات معنية على الواقع السياسي في العراق، وهذا الأمر تجلى بشكل واقعي أيام احتجاجات تشرين الماضية".


ويضيف "اغتيال الكاتب والخبير بشؤون الجماعات المتطرفة هشام الهاشمي كان اغتيالاً سياسياً بامتياز، حيث اعتبرها الكثير رسالة تحدٍ لرئيس الحكومة الحالية الذي نفذ خطوات من شأنها كبح جماح الميليشيات في العراق".


وفي اعترافات قاتل الهاشمي، ظهر منفذ العملية بعد القبض عليه في شريط بثه التلفزيون الرسمي، ليتبين أنه ضابط في وزارة الداخلية لكنه عميل لصالح جهة تتخذ من منطقة البو عيثة جنوب العاصمة، مقراً لها وهو المكان ذاته الذي قال انه انطلق منه لتنفيذ عملية اغتيال الهاشمي أمام منزله شرقي العاصمة.


وقبل الهاشمي، اغتيلت الناشطة ريهام يعقوب في البصرة، وتم اغتيال تحسين الخفاجي في وسط بغداد، والتي جاءت وفقاً للعلي استكمالاً لعمليات القتل والخطف والتعذيب التي مورست من قبل جماعات معروفة ضد كل من وقف بوجه النفوذ الايراني في البلاد بحثاً عن شعار (نريد وطن)، وفقاً للعلي.

وللكاتب المغدور، هشام الهاشمي رأي في موجة الاغتيالات السياسية التي اجتاحت العراق خلال العام 2019، فقد أشار في منشور له على جداريته في "فيسبوك" قائلاً: "قيل قديما: ما مر يوم والعراق ليس فيه دم.. ضربت جغرافيا العراق مثالا صارخا في الاغتيالات السياسية على خلفية صراع القوى الداخلية والخارجية عليها، ولعل أبرز وأشهر الإغتيالات التي شهدها العراق هو قتل وسحل الملك فيصل ومعيته في بغداد فور نجاح ثورة يوليو 1958 التي تعرض قائدها عبد الكريم قاسم إلى الاغتيال لاحقا".


ويبين "أما الاغتيالات التي نفذتها أنظمة الحكم في العراق فهي كثيرة، وأشهرها اغتيالات ال الصدر وال الحكيم، والأهم أن العراق اليوم وبعد عام 2003 أصبح ساحة مفتوحة لعمليات الاغتيال السياسي، بل أنها أصبحت أكثر من أن تحصى".


ويرى الراحل ان "الاغتيال السياسي يعود إلى عجز الطرف الارهابي الذي قام بالاغتيال ودبره ونفذه عن التحاور مع خصمه بما يملك من أفكار وبرامج، حيث يعتقد خاطئا أن التصفية الجسدية والعمليات الإرهابية القذرة، هي انتصار لأفكاره، على الرغم من أنه لا يملك الحقيقة التي يمكن أن يستعملها لإقناع الخصوم، لأنه فاقد للمشروعية الدولية والقانونية وتاليا يجد الحل بالإرهاب المسلح، وهو مقتنع انه غير قادر على تحقيق ما يهدف إليه دون العمليات القذرة".


وفي بداية تموز من العام 2020، قتل مسلحون الخبير الأمني العراقي والباحث في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، قرب منزله في منطقة زيونة شرقي بغداد.


وقالت مصادر أمنية إن ثلاثة مسلحين يقودون دراجات نارية اعترضوا سيارة الهاشمي وأطلقوا النار عليه، ونقل بعدها إلى مستشفى ابن النفيس حيث توفي، ليحدث مقتله ردود أفعال سياسية ومجتمعية داخل العراق وخارجه.


وعلى صفحته الشخصية في "فيسبوك"، يقول الكاتب والإعلامي سعدون محسن ضمد "لم يعد أحد في العراق بمأمن من الاغتيال السياسي، بعد أن وصل استهداف الطائرات المسيّرة إلى مقر القائد العام للقوات المسلحة، الذي يفترض أن يتمتّع بأعلى مستويات الحماية".


وتابع "نحن ندخل مرحلة الدرون بعد مرحلة الكاتم، في المرحلة السابقة كانت الحمايات والمصفحات والشوارع المقطوعة تجعل كبار المسؤولين بمأمن، اليوم بماذا يمكن لهم الاحتماء من شبح طائر ومحمّل بالصواريخ؟ خاصة وأنه ينطلق من الخفاء ويعود إليه، فيصعُب تتبّعه".