مرصد الجمهورية
يوم واحد فقط يفصل الكتل والتحالفات السياسية، قبل دخول النواب الجدد وأصحاب التجربة المتمثلين بنحو 239 نائباً، تحت قبلة البرلمان، ليبدأ مارثون الأربع سنوات المقبلة.
لكن قبل أن يرتدي المرشحون الفائزون بزاتهم الجديدة، ويدخلون إلى قاعة الرئيسية، لا تزال التحالفات السياسية منشقة حول مصير الرئاسات الثلاث، فلا يعرف نواب الكتل الجديد لأي أسم يرفعون أيديهم بالتصويت، كون قياداتهم السياسية لم تتفق حتى الآن على شخص رئيس مجلس النواب، ناهيك عن رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية.
وستبدأ أعمال الجلسة رقم واحد لسنة 2022، ليعزف قبل كل شيء، السلام الجمهوري، ثم تلاوة آي من الذكر الحكيم وقراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء العراق.
بعدها تأتي ثالثا: كلمة الأمين العام لمجلس النواب ترحيبا بأعضاء مجلس النواب وقراءة أسماء الحضور.
ووفقاً لجدول أعمال الجلسة الأول فإن رئيس السن سيتولى إدارة الجلسة، وهو بحسب مفوضية الانتخابات سيكون المرشح الفائز عن تحالف عزم محمود المشهداني.
والمشهداني، هو رئيس سابق للبرلمان تولى رئاسة مجلس النواب خلال الدورة البرلمانية الأولى، وبعد 5 دورات نيابية، يقدم تحالف عزم المنتشق أصلاً من تحالف العزم بزعامة خميس الخنجر، يقدمه كمرشح وحيد لمنصب رئاسة البرلمان.
ووسط أمواج من التصريحات والبيانات والمواقف السياسية، فإن التحالفات السياسية لم تعلن عن نفسها بشكل رسمي حتى اللحظة، لتبقى الجلسة الأولى الحكم الفصل لمن جمع شتاته وشكل الكتلة الأكبر عدداً.
وفي بيان رسمي بشعار النجمة الخماسية، قال الناطق الرسمي باسم تحالف عزم، صلاح الجبوري إنه "في الوقت الذي لاح فيه ضياء الأمل في أفق تشكيل حكومة عراقية جامعة قوية تغلب فيها مصلحة البلاد فوق جميع المسميات، عمل تحالف عزم قيادةً واعضاءً على أن يكون صوته ضمن الاصوات الوطنية الساعية لأن تشهد الجلسة الاولى للبرلمان الجديد تفاهما يفضي الى اختيار شخصيات قادرة على ادارة المرحلة المقبلة والتصدي لمصاعبها".
وأضاف، أنه "من أجل ذلك يعلن تحالف عزم بزعامة خميس الخنجر عدم تقديمه حتى الان لأية شخصية لتولي منصب رئاسة البرلمان وأن اهتمام التحالف ينصب حاليا على العمل مع القوى الخيرة لانعقاد الجلسة الاولى للبرلمان الجديد في أجواء هادئة وليس غير ذلك".
وما زالت حظوظ محمد الحلبوسي، رئيس تحالف تقدم الأقرب لتولي منصب رئاسة البرلمان، وفقاً للمعطيات السياسية، خصوصاً مع إعلانه التحالف مع خميس الخنجر، ليحققوا نحو 50 مقعداً، كذلك فإن الحلبوسي يتمتع بشيء من التأييد أطراف سياسية اخرى من مختلف المكونات.
وكون منصب رئاسة البرلمان، بحسب العرف السياسي الذي مضت عليه العملية السياسية في العراق منذ العام 2003 وحتى اليوم، فإن لا تنافس مكوناتي على منصب رئاسة البرلمان، غير المكون السني، وبذلك فإن ما يقابل الحبلوسي هو مرشح النواب المنشقين عن تحالف عزم، وهو محمود المشهداني، الرجل الذي قارب الثمانين من عمره، والذي يحمل في سيرته الذاتية تصريحات انتشرت كالنار في الهشيم خصوصاً تلك التي يهاجم فيها الاحزاب السياسية وجميع القادة السياسيين، بأوصاف وكلمات يتناقلها العراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عند اشتداد كل "صراع سياسي".
وحتى الآن، يكتفي المشهداني بما يخرج عن النواب المنشقين من تحالف عزم، من بيانات ومواقف وتصريحات تخص ترشحه لمنصب رئاسة البرلمان، ولم يظهر في اي وسيلة إعلام يدافع فيها عن افضليته عن الحلبوسي في تولي المنصب الرفيع والخاص بالمكون السني، في الوقت الذي يواجه فيه محمد الحلبوسي الأمر ذاته بـ"هدوء تام".
وتزداد حرب التصريحات على وسائل الإعلام، أكثر من الواقع بكثير، فكل القنوات الفضائية، والوكالات الخبرية، وقنوات التليكرام، وصفحات تويتر، وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، تملأ شاشاتها وتطبيقاتها، بالعواجل من مقربين ومصادر وبيانات رسمية، تؤيد خطاب التحالفات السياسية التي تمولها مالياً، ومن يتابع ما يصدر من وسائل الإعلام هذه الأيام، فإنه وبكل بساطة يتعرف على الجهة الداعمة لهذه المؤسسة الإعلامية دون غيرها.
وباستماتة شديدة، يدافع الفائزون عن تحالف تقدم وعزم، عن تجديد الرئاسة للحلبوسي، ويطرحون في وسائل الإعلام شخصية مرشحهم الوحيد على انه "قريب من ناسه وعارف بأخبارهم وأوضاعهم ولديه رؤية مستقبلية للمحافظات المحررة ولوضع المكون السني، كما يصرون على انه يمثل الجيل السياسي الشباب الذي خاص معترك السياسية ونجح في أن يكون بصدارتها".
بالمقابل، تجد نواب عزم المنشقون المتمسكون بتغيير شخصية رئيس البرلمان، تجدهم يتحدثون عن "خبرة محمد المشهداني الطويلة في المشهد السياسي العراقي، وانه قريب من كل الأطراف، ولديه علاقات داخلية وخارجية متوازنة، وله باع طويل في مجال حلول الأزمات السياسية الحاصلة في البلاد.
وبلغة الأرقام، فإن من يتحالف مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، صاحب الـ73 مقعداً، ومن يتقرب من تحقيق متطلبات الحزبين الكرديين الديمقراطي والاتحاد الكردستانيين، صاحبا الـ49 مقعداً، ومن يجد نفسه قريباً من الفائزين المستقلين الذين باتوا يشكلون بيضة قبان جديدة في تشكيل الرئاسات الثلاث، فإنه حتماً لن يجد صعوبة في الوصول إلى منصب رئاسة البرلمان.