مرصد الجمهورية
مع مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، وحسم قضية ادّعاء "تزوير النتائج"، تبرز المفاوضات على الرئاسات الثلاث مجدداً، ويحتدم الصراع على منصبي رئاسة البرلمان، ورئاسة الوزراء، فالأولى دخل عليها مكونٌ آخر، والثانية تكمن صراعاتها بين المكون الشيعي.
وشهد النظام السياسي في العراق، بعد عام 2003، عرفاً في اختيار الرئاسات الثلاث، لتكون رئاسة الجمهورية حصة الأكراد، ورئاسة البرلمان حصة السنة، بينما رئاسة الوزراء هي حصة ثابتة للشيعة.
وعلى الرغم من أن العرف السياسي هذا واجه جدلاً كبيراً، مع تولي شخصيات عدة لمناصب الرئاسات الثلاث طوال الفترات الماضية، إلا أن أخير دورة برلمانية شهدها العراق، كان محمد الحلبوسي هو رئيس مجلس النواب، قبل أن يُحلّ البرلمان في السابع من تشرين الأول الماضي، قبيل الانتخابات بثلاثة أيام.
وبعد تولي الحلبوسي منصب رئاسة البرلمان، شهدت هذه الدورة قبول أطراف وجمهور المناطق السنية، وخصوصاً المدن المحررة إضافة إلى تجاوب بعض الكتل السياسية الشيعية والكردية مع الحلبوسي، وإدارة الدورة البرلمانية التي شرعت عدداً ليس قليلاً من القوانين.
ومع استمرار حوارات الكتل والقوى السياسية الفائزة بانتخابات تشرين، ظهر عضو تحالف العزم مشعان الجبوري في تصريح له، أكد رفض النواب السنة، لمنح منصب رئاسة البرلمان إلى مكونٍ آخر، يتمثل بمنح المنصب لثابت العباسي، الذي قال عنه الجبوري إنه "اعفري".
الجبوري ذكر في تصريح متلفز، أن "ثابت العباسي لا يمكنه استلام منصب رئاسة الجمهورية لانه اعفري أي (من تلعفر) وهم تركمان، وإن القادة السنة لن يقدموا هذا المنصب إلى شخصية من التركمان".
وأضاف، أن "العرب السنة لا يمكنهم دعم شخصية عفرية لمنصب رئيس البرلمان والذي هو من حق العرب السنة، إلا أن العباسي لا تتوفر فيه شروط الترشح إلى رئاسة البرلمان".
وتأتي هذه التصريحات، في سياق التنافس على ترشيح شخصية لرئاسة البرلمان، حيث يتحدث مراقبون عن توافق أغلب الكتل السياسية بشأن تجديد الولاية الثانية للحلبوسي.
وبالعودة إلى الخلاف الذي نشب بين التركمان ومشعان الجبوري، ردَّ المرشح الفائز عن جبهة التركمان رياض محسن، قائلاً: "مشعان الجبوري وصف التركمان وأهل تلعفر بأوصاف غير مقبولة وأساء لمكون عراقي أصيل".
وأضاف: "أدعو جميع التركمان أن يكونوا يداً واحدة ومساعدة ثابت العباسي ومساندته لتولي منصب رئيس البرلمان، ونحن لم نحصل على أي منصب سيادي العباسي جدير بهذا المنصب".
وتابع محسن، أن "الأصوات النشاز عديمة الاخلاق كانت مطلوبة للقصاء قبل 2003 وبعدها أيضا ويده ملطخة بدماء العراقيين
ويجهر امام الملء بفساده واخذ الرشى بكل وقاحة". بحسب وصفه.
وتابع النائب التركماني، قائلاً: "علينا ان يكون لنا موقف موحد ضد هذه الأصوات النشاز مثل مشعان الجبوري واصدار بيان رسمي والدعوة لحملة واسعة لدعم الشيخ ثابت".
وفي غضون ذلك،، تهدد الخلافات حول رئاسة البرلمان تحالف القوى السنية، فبينما أعلن تحالف تقدم دعمه تجديد ولاية زعيمه محمد الحلبوسي، يقف تحالف عزم بزعامة خميس الخنجر ضد هذا التوجه.
ويتفق أغلب المراقبين السياسيين على أن منصب رئاسة البرلمان هو من استحقاق المكون السنيّ، خصوصاً بعد ما حقق المكون، متمثلاً بتحالف "تقدم" فوزاً عريضاً بالانتخابات، بعد حصده أكثر من 40 مقعداً ليكون ثاني الأحزاب الفائزة في الانتخابات، بعد الكتلة الصدرية.
وتشكل رئاسة البرلمان المعرقل الأبرز بشأن إعلان التحالف بين قطبي السنة الفائزين في الانتخابات البرلمانية، ولدى تحالف تقدم نحو 43 نائبا، فيما يتحدث تحالف عزم عن وصول عدد المنضوين إليه إلى 34 نائباً بعد انضمام عدد من الفائزين.
وبشأن تحديد ملامح الحكومة المقبلة، بعد انتظار لأكثر من شهر ونصف شهر بشأن إمكانية حسم الخلافات بين الكتلة الصدرية الفائزة الأولى بالانتخابات، وبين قوى الإطار التنسيقي الشيعي، قرر العرب السنة والكرد النزول من التل، والبدء بمفاوضات الترجيح بين الطرفين المتخاصمين.
وفيما أعلن كل من الصدريين، وخصومهم قوى الإطار التنسيقي، الذي يضم القوى الشيعية الرافضة لنتائج الانتخابات (تحالف الفتح، ودولة القانون، وقوى الدولة، والعقد الوطني، والفضيلة، والنصر) عن تشكيل لجان للتفاهم فيما بينهم، ومع الشركاء، والمقصود بهم السنة والكرد، فإن الشركاء قرروا النزول إلى ميدان المعركة، خاصة بعد ما حسمت المحكمة الاتحادية العليا أمر نتائج الانتخابات.
ومنح التأجيل الأخير للمحكمة الاتحادية للطعون التي قدمها تحالف الفتح، بزعامة هادي العامري، بشأن إلغاء نتائج الانتخابات، فرصة للأطراف كافة، ولا سيما الكرد والسنة لأن يعيدوا حساباتهم وترتيب أوراقهم لجسّ نبض الشركاء الشيعة المنقسمين بخصوص آلية تشكيل الحكومة المقبلة، بدءاً من حسم الرئاسات الثلاث.