مرصد الجمهورية:
تستعد بسمة وليد للاحتفال بطلاقها، بعد ثلاث سنوات من "المعاناة" خلال زواجها، على حد تعبيرها.
وقد حجزت صالة مخصصة للمناسبات في العاصمة العراقية بغداد، لتشارك سعادتها مع العديد من الأقارب والأصدقاء.
تقول بسمة (26 عاماً): "أريد التعبير عن مدى سعادتي بالتخلص من زوجي، الذي مارس عليّ مختلف الضغوط كي لا يحدث الانفصال".
ولأكثر من سنتين، انتظرت بسمة قرار المحكمة بعد تقديم طلبها للطلاق "حمايةً لنفسها من تعنيف زوجها"، لذا يمثل الحصول عليه اليوم "فرحة كبيرة".
توضح "الجميع حولي كان يعارض قراري بالطلاق، لأن المجتمع لا يتقبل المرأة المطلقة وينظر إليها بسلبية كبيرة".
وتواجه بسمة انتقادات كثيرة من الأهل والأقارب بشأن إقامة حفلة لطلاقها، لكنها ماضية نحوها على أية حال، إذ "تعني الكثير" لها.
وتشير إلى أنها تحاول أن "تثبت للجميع بأن الطلاق أو الانفصال عن علاقة سامة بداية لحياة جديدة خالية من التعنيف والحرمان".
"ضربة لطليقي"
وفي بغداد أيضاً، احتفلت جنان أيمن (33 عاماً)، مؤخراً، بطلاقها بعد زواج دام أكثر من سبع سنوات.
تقول جنان التي احتفظت بحق حضانة طفلتها، إن الحفلة كانت بمثابة "ضربة لطليقي بعد خيانته لي والارتباط بصديقتي التي كنت أثق بها".
وتضيف "حفلة الطلاق مثلها مثل حفلة الزفاف.. وهما بداية لحياة جديدة".
"وهذا بالفعل ما شعرت به حين اجتمعت بصديقاتي المقرّبات حول الكيكة (الكعكة) وقمنا بتقطيعها معها وسط أجواء من البهجة والفرح"، تتابع جنان.
ولكن هذه الحفلة لم تمر بسلام، توضح جنان: "منع إخوتي زوجاتهم من تلبية دعوة حفل طلاقي، وبعضهم قطع علاقته بي بعد أن مارس ضغوطاً كبيرة عليّ بحجة أنني سأجلب لهم العار".
وبرأيها، فإن "الجميع يريد من المطلقة أن تصمت لأنها بطلاقها قد تجلب العار لأهلها، بالتالي فإن حفلات الطلاق أسلوب تدافع به المطلقة عن حقها في المجتمع".
"إنها رسالة بأنني لستُ عاراً"، تؤكد جنان.
تهديد بالقتل
وتثير حفلات الطلاق جدلاً واسعاً داخل العراق، تواجه فيه المرأة الانتقادت والأحكام المجتمعية، حتى أن بعضهن واجهن تهديدات بالقتل!
يقول المحامي نبيل عامر "هذه الحفلات تنافي عادات المجتمع المحافظ، وتطرح معها تساؤلات عن أسباب وأهداف الاحتفال".
ويضيف أن "حفلات الطلاق ليست جزءا من عاداتنا المجتمعية، كما أن اللواتي يحرص على إقامتها ميسورات الحال، فهي مكلفة مادياً".
ويروي قصة سندس حامد (21 عاماً)، التي قررت إقامة حفلة طلاق، ولكن أفراداً من عشيرتها، تحديداً عمّها عارض الأمر بشدة وهددّها بأنه قد يلجأ لـ"غسل العار" إذا أصرّت على موقفها.
و"غسل العار" هو مصطلح رائج في العراق، خصوصاً بين الأوساط العشائرية، ويُقصد به "القتل"، وضحاياه غالباً من النساء.
ويرى عامر، أن حفلات الطلاق مجرد موجة مؤقتة "ستنتهي قريباً بسبب تركيبة المجتمع القبلية المحافظة".
زيادة حالات الطلاق
في نفس السياق، تقول الخبيرة في علم النفس الاجتماعي الدكتورة صبيحة الصالحي، إن حفلات الطلاق التي تكررت مؤخراً "تثير استغراباً واضحاً في المجتمع العراقي، بحجة تنافيها مع العادات والتقاليد المحافظة".
أما هي فترى أن هذه الحفلات "تسهم في رفع مستوى تقبل وجود المطلقات".
وتضيف الصالحي "اتساع هذه الظاهرة يعكس احتجاج المرأة ضد النظرة المجتمعية السلبية تجاه المطلقات، كما يخلق دافعاً نفسياً للشعور بالثقة لدى المطلقة نفسها".
"إنها تعني أيضاً الاحتفاء بكلمة مطلقة بدلاً من وصمة العار" المرتبطة بها عادةً، حسب الصالحي.
وتؤكد أن لتزايد أعداد المطلقات وتحديداً صغيرات السن "وراء اتساع هذه الحفلات، لأن الصغيرات بطبيعة الحال، لديهن رغبة في تقليد كل شيء جديد أو غريب والانقياد خلفه، خاصة في كل ما يظهر من تقليعات وظواهر في السوشيال ميديا".
وتختم الصالحي بقولها إن "غاية الحفلات ليس الإثارة كما يظن الكثيرون، بل لأن الحياة يجب أن تتغير، خاصة عندما يمثّل الطلاق وصمة عار".
ووفقا لإحصائية مجلس القضاء الأعلى لشهر مارس الماضي، فإن حالات تصديق الطلاق خارج المحاكم العراقية بلغت (4656)، أما حالات التفريق بحكم قضائي فبلغت (1950).