×

أخر الأخبار

ماضِ مزدهر وحاضر مبعثر.. واقع التعليم في العراق أرقام مخيفة وابتعاد عن العالم!

  • 5-01-2022, 00:12
  • 2614 مشاهدة

مرصد الجمهورية

في سبعينيات القرن الماضي، كان العراق يمتلك نظاماً تعليمياً الأفضل في منطقة الشرق الأوسط حيث كانت تقارير لمنظمة "يونسكو"، تصنف البلاد على أنها واحدة من الدول الرائدة في النظام التعليمي،، إذ قدرت نسبة المسجلين في المرحلة الابتدائية حينها ما يقارب 100%، وكادت الحكومة أن تقضي على الأمية بشكل تام، إلا أن التعليم تراجع بعدها إلى أن بات العراق من أكثر بلدان المنطقة معاناة، بعد أن وقع في حروب متتالية وأزمات خانقة، مما قلل الاهتمام بالتعليم.


وتباعاً لفترة مابعد غزو العراق، طرأت تعديلات أدت الى إلغاء الهوية البعثية من المناهج الدراسية، كذلك الزيادة في رواتب المدرسين والمدربين المهمشين في فترة نظام صدام، نظراً لقلة الدعم للتعليم في فترة ماقبل عام 2003 ، ظهر أن مايقارب الـ 80% من نسبة المدارس العراقية (15000 مدرسة) بحاجة لإصلاح و دعم للمنشأت الصحية فيها، كذلك قلة المكتبات والمختبرات العلمية في هذه المدارس.


وتدهور وضع التعليم في العراق مابعد فترة حرب الخليج الأولى ، فقلة نسبة المشاركين في منظومة التعليم ، كذلك قلة نسبة الدعم الحكومي لهذا القطاع، ونظراً لتلك الأسباب توجه العديد من الأطفال العراقيين إلى مجال العمل، بعد الإطاحة بالنظام السابق، إذ أصبح النظام التعليمي يضم مايقارب الستة ملايين تلميذ مابين فترة الحضانة حتى الدرجة الـ 12 ، بالإضافة إلى مايقارب الـ 300,000 معلم و إداري.


حيث يعد التعليم في العراقي إجبارياً حتى إكمال المرحلة الإبتدائية ، بعدها يخير الطلاب لإكمال دراستهم على حسب نتائجهم في الإختبار العام، وبالرغم من وجود خيار التعليم المهني في منظومة التعليم العراقية، إلا أن القليل من الطلاب يختاروه نظراً لرداءة النوعية التعليمية المقدمة فيه.


وتراجع المستوى التعليمي في العراق بشكل كبير جراء الحروب المتتالية والعزلة الدولية في التسعينات، إضافة إلى الهجمات الإرهابية على الجامعات والمؤسسات الثقافية، التي دفعت بالعديد من المثقفين إلى اللجوء إلى شمال العراق.


وكان قديماً يقال إن مصر تؤلف، ولبنان تطبع والعراق يقرأ، وهذا يدلّ على أن نسبة العراقيين المتعلمين كانت عالية جداً، إذ كانوا شغوفين بالعلم والمعرفة والقراءة شغفاً كبيراً.


وكان شارع المتنبي في العاصمة بغداد، والذي يطلق عليه العراقيون شارع الكتب، شارعاً معروفاً في كل أنحاء العالم العربي، وما أن يُذكر اسمه في القاهرة أو في بيروت أو في أي مكان من الشرق الأوسط، حتى تتوهج العيون بالبهجة وتتألق الذكريات.


إذ لم تكن بغداد مركزاً للتجارة واللهو فقط، بل كانت أيضاً مركزاً للفنون والثقافة والتعليم أيضاً. لذلك دأب المثقفون العراقيون على أن يقصدوا شارع المتنبي، ويرجعون محملين بالكتب المستعملة أو الجديدة منها، إلا أن هذا الشارع، ومنذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بات عرضة لهجمات إرهابية عنيفة، راح ضحيتها عشرات العراقيين ما بين قتيل وجريح، ودمرت العشرات من المطابع وعدد كبير من المكتبات عن بكرة أبيها، لاسيما تلك التي تعتبر من أكبر وأغنى المكتبات في العراق.


وفي ظل معرفة العالم بتراجع مستوى التعليم بالعراق،، تقول صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية إنه بعد مرور 18 عاما على الغزو الأميركي للعراق عام 2003، يبدو طلاب المدرسة وهم ضمن ما يعرف بـ"جيل ببجي"، في إشارة إلى أحد أكثر الألعاب نجاحا على مستوى العالم والتي تحظى بشعبية كبيرة بين الشباب العراقي، وكأنهم في صراع مع بلد لا يزال ممزقا. 


وأضافت أن "أطفال الغزو ولدوا في صراع، متأثرين بالاضطرابات والفساد المستشري، ويواجهون مستقبلا محفوفا بالمخاطر، ففي 2019، تظاهر عشرات الآلاف منهم في الشوارع، مطالبين ليس فقط بالوظائف والفرص ولكن أيضا باقتلاع الطبقة السياسية التي سيطرت على المشهد بعد 2003،، حيث تراجعت تلك الاحتجاجات في ظل القيود الوبائية التي أدت إلى مزيد من الاضطراب في الحياة المدرسية المتأثرة أصلا بالحرب. 

وتكمل الصحيفة، أن الطلاب يتعين عليهم أن يتعاملوا مع ما سيكون عليه مستقبلهم "في بلد لا يعمل فيه ربع أولئك الأكبر سنا بقليل (أولئك الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما، والذين يمثلون ما يقرب من ثلثي سكان العراق البالغ عددهم 41 مليون نسمة) على الرغم من امتلاك العراق خامس أكبر احتياطي نفطي في العالم.


ووفقا لليونيسف يُعتقد أن مليون طفل على الأقل في العراق يحتاجون إلى رعاية نفسية واجتماعية. وتقول لوس أنجلوس تايمز إنه غالبا ما يقع عبء التعامل مع صدمة الأطفال على عاتق النظام المدرسي الذي يعاني أزمة أصلا،، إذ لم يقتصر الأمر على عدم تدريب المعلمين على تقديم المشورة، ولكن موجات العنف المتكررة أدت أيضا إلى تدمير آلاف المدارس. 


في غضون ذلك، خصصت الحكومة ما يقرب من 10 في المئة من نفقات الدولة للتعليم عام 2019، أي أقل من المتوسط بالثلث للدول ذات الدخل المماثل. 


وقال ميغيل ماتيوس مونوز، مدير قسم الإعلام بيونيسف بالعراق: "ما يشعر به الطلاب هو عدم توفر الكثير من الوظائف التي تتطلب مهارات في العراق،، مضيفاً أن الأكثر تضررا هم الفئات الأكثر ضعفا، بمن فيهم الشابات والشباب ذوو الإعاقة والذين يواجهون مستويات فقر مدقع.

ورغم الأزمة التي يعانيها طلاب المدارس في نقص الأبنية المدرسية وتحمل الدوامات الثلاثة في المدرسة الواحدة،، يرافق هذه المعاناة انعدام توفر المناهج الدراسية التي أثقلت أباء الطلبة الذين يضطرون شراء الكتب من السوق السوداء لأبنائهم رغم تعاقد وزارة التربية مع شركات عراقية يديرها سياسيون على طباعة المناهج.


العراق خارج مؤشر دافوس لجودة التعليم

وفي مطلع العام الجاري، عُد العراق خارج مؤشر دافوس لجودة التعليم،، إذ جاء هذا الإبعاد نتيجة السياسات الخاطئة التي تبعتها الحكومات العراقية في إهمال التعليم وعدم التركيز على تطويره.


ﻭﻗﺪ ﺍﻋﺘﺒﺮ ﺍﻟﻤﺆﺷﺮ كلا من ﻟﻴﺒﻴﺎ والسودان ﻭﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ دولا غير مصنفة في المؤشر لسوء النظام التعليمي فيها، إذ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺑﺴﻂ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﺠﻮﺩة في ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ بحسب المؤشر.


ويستند ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺩﻩ منتدى دافوس على ﺍﺣﺘﺴﺎﺏ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﻤﺆﺷﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻨﺤﻮ 12 معيارا أساسيا، ﺗﻀﻢ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ، ﻭﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ، ﻭﺑﻴﺌﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﻭﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ، ﻭأيضا ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻭﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ، ﻭﻛﻔﺎﺀﺓ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﺴﻠﻊ، ﻭﻛﻔﺎﺀﺓ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭكذلك ﺗﻄﻮﻳﺮ ﺳﻮﻕ ﺍﻟﻤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﺠﺎﻫﺰﻳﺔ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ، ﻭﺣﺠﻢ ﺍﻟﺴﻮﻕ، فضلا عن ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭ.

ويوجد نحو عشرة ملايين طالب موزعين على 16 ألف مدرسة فقط، وهو عدد غير قابل لحل أزمة الدوام الثنائي والثلاثي، ويكشف حجم النقص الكبير لعدد الأبنية المدرسية، إذ إن أكثر من 600 طالب يضطرون للدوام في المدرسة الواحدة المهيأة لاستقبال مئتي طالب فقط.


وفقد نحو ثلاثة ملايين تلميذ إمكانية التعليم بعد دمار حل بمدارسهم خلال الحرب على تنظيم داعش، فأكثر من 150 منشأة تعليمية تعرضت للدمار الكامل، فضلا عن حاجة نصف مدارس العراق بشكل عام إلى إعادة تأهيل وفق تقديرات الأمم المتحدة.


10 ملايين طفل حُرموا من التعليم

أظهرت دراسة أجراها المجلس النرويجي للاجئين أنه منذ تفشي وباء كورونا المستجد في شهر فبراير/شباط الماضي، تم إغلاق آلاف المدارس في العراق، مبينة أن ذلك أثّر على أكثر من 10 ملايين طفل في أنحاء العراق بأعمار تتراوح بين 6 إلى 17 عاما تم تركهم بدون تعليم، ويشير المجلس النرويجي إلى أنه بعد 7 أشهر من إغلاق المدارس بسبب فيروس كورونا.


وأظهر مسح أجرته منظمة الأيادي الحنونة للمساعدات الإنسانية فرع العراق خلال فصل الربيع أن نسبة 83% من مجموع 6305 أطفال تم إجراء استطلاع عليهم في معسكرات النازحين، لم يتلقوا أي نوع من أنواع التعليم المدرسي، وفي تقييم أجراه المجلس، كشف أن ثلث العوائل التي تم استطلاعها في أنحاء العراق ليست لديهم هواتف ذكية أو اشتراك بإنترنت.


بينما كشفت دراسة أجراها المجلس النرويجي أن العراق جاء في الترتيب الثاني ضمن ارتفاع معدلات الكرب والضيق بين الأطفال النازحين عبر الشرق الأوسط، فقدان التعليم جاء في الترتيب الثالث كأكثر قلق ينتاب أطفال العراق بعد قلقهم باحتمالية الإصابة بالفيروس أو إصابة واحد من آبائهم أو أحبائهم.


أرقام من دون أهداف

- رياض الأطفال عدد مدارسها بحدود 978 روضة وعدد طلابها بحدود 180 ألف وعدد معلماتها بحدود 7500 بنسبة 24 طالب للمعلمة الواحدة.

- الابتدائية عدد مدارسها بحدود 13 الف مدرسة وبعدد شعب تصل إلى 140 الف شعبة ، وعدد طلاب بحدود خمسة ملايين طالب وعدد معلميهم بحدود 250 ألف معلم أو معلمة وبنسبة 20 طالب للمعلم (ة) ، وبنسبة 385 طالب في المدرسة أو 36 طالب في الصف.

- الثانوية ( متوسطة واعدادية) عدد مدارسها بحدود 6200 مدرسة بعدد شعب يصل إلى 65000 الف شعبة وعدد طلاب موجودين بحدود ثلاث ملايين طالب، وعدد مدرسين ومدرسات بحدود 145 ألف مدرس ومدرسة، وبنسبة 21 طالب للمدرس (ة) ، وبنسبة 483 طالب في المدرسة أو 46 طالب في الشعبة الواحدة.


نتائج هذه الأرقام توضح بأن هناك خلل واضح في أعداد المعلمين والمدرسين نسبة للطلبة والتي معدلها الحالي في العراق بحدود 21 طالب للمعلم أو المدرس الواحد بينما إن أفضل الدول في العالم تكون نسبة الطلبة إلى الكوادر التدريسية تصل إلى 10 ( سان مارينو 1 / 6 ، الكويت وكوبا ولكسمبورغ 1 / 9 ، السويد ايسلندا وبولندا 1 / 10 ، عمان والسعودية والاردن 1 / 12).


وأيضاً توضح هذه الأرقام أن هناك خللاً ونقصاً واضحاً في عدد المدارس وخاصة في المرحلة الثانوية وشيء أقل منها في المرحلة الابتدائية حيث يصل معدل الطلاب في العراق للمدارس الاعدادية إلى أكثر من 46 طالب في الشعبة الواحدة وفي المدارس الابتدائية إلى أكثر من 36 طالب في الشعبة بينما المعدل المتوسط الذي يفترض أن يكون هو من 24 الى 32 طالب في الشعبة الواحدة، لذلك يحتاج العراق إذا أراد أن يبدأ في الخطوة الأساس لبناء مجتمعه بناءً علميا وتراكميا إلى توظيف بحدود 250 الف معلم ومعلمة ومدرس ومدرسة في المراحل الابتدائية والثانوية حتى يصل إلى المتوسط الذي يمكن أن يكون فيه التعليم ذات ناتج ايجابي للمجتمع.


ويحتاج أيضاً إلى بناء بحدود 6000 الاف مدرسة أو 80 ألف شعبة جديدة لنصل الى المستوى المقبول في توفير البيئة الملائمة في التدريس والتربية والتعليم (نسبة الزيادة السنوية للطلبة 5% يعني نحتاج بناء 300 مدرسة جديدة سنوياً).


وتفيد المؤشرات عن نقص الأبنية إلى حاجة العراق لأكثر من 20 ألف بناية مدرسية في عموم محافظات، للقضاء على الدوام الثنائي والثلاثي،، إلا أن الحكومة الحالية أعلنت عن الشروع بتنفيذ ألف بناية مدرسية في مناطق عدة ضمن اتفاق عراقي صيني.


2000 مدرسة طينية في العراق

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) في مايو 2019، عبر بيان لها أن 50% من المدارس "بحاجة إلى التأهيل والترميم"، وأشارت إلى أن نقص "المدارس والكوادر التربوية والتعليمية في العراق أسفر عن ازدحام الصفوف المدرسية بالتلاميذ، ويعاني الأطفال من أجل التعليم، حتى اضطر العديد منهم إلى ترك الدراسة".


حيث تفيد مصادر داخل وزارة التربية لمرصد الجمهورية بأن عدد المدارس الطينية في العراق تجاوز 2000 منتشرة في المناطق الجنوبية، مثل ذي قار والبصرة والعمارة والمثنى والقادسية والنجف، فضلاً عن محافظات شمالية كديالى وكركوك وصلاح الدين ونينوى، يدرس فيها أكثر من 20 ألف طالباً، ويخصص العراق سنوياً مبالغ طائلة للقطاع التربوي من الموازنة العامة للبلاد، عدا عن التخصيصات الأخرى التي يقدمها برنامج تنمية الأقاليم لتطوير القطاع التربوي والتعليمي، ففي ميزانية عام 2019 بلغت التخصيصات لوزارة التربية نحو مليار و512 مليون دولار.