مرصد الجمهورية
يواجه المشهد السياسي في العراق، ضغوطاً وتهديدات من جهة ضد جهة أخرى، لا سيما مع إصرار زعيم التيار الصدري على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، مع تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، إلا أن الصدر ما زال متمسكاً بخيط وحيد لتحقيق ما يريد.
ومع اقتراب موعد جلسة اختيار رئيس الجمهورية ظهرت رزمة من التهديدات والضغوط تمارس على "التحالف الثلاثي"، لضمان وجود كل القوى الشيعية في الحكومة المقبلة.
ومقابل ذلك التزم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، برغبته في تشكيل "حكومة اغلبية"، مغازلا أمس، المستقلين للتصويت لصالح مشروعه، مطالباً إياهم بإسناد جلسة التصويت على رئيس الجمهورية والابتعاد عن تعطيلها.
وكان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي قد قرر في وقت سابق ان تكون جلسة يوم السبت المقبل مخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، الذي بدوره سيكلف مرشح الكتلة الاكبر لتشكيل الحكومة.
وحتى الان يصر "الصدر"، وهو الركن الاكبر في التحالف الثلاثي، على ان من يشترك في الحكومة المقبلة يكون وفق شروطه، ولذلك لا يستبعد ان ترشق طهران، العراق بموجة جديدة من الصواريخ، او يتم تخريب جلسة البرلمان المقبلة على امل اجراء انتخابات مبكرة.
الصدر الذي فاز بأكبر المقاعد بـ 73 نائباً، يصر على ان من يشترك معه بالمرحلة المقبلة في الحكومة عليه ان يكون مستعدا "لمواجهة الفاسدين" و"منع تداول السلاح خارج السلطة".
هذه الشروط يطرحها زعيم التيار الصدري بشكل خاص على القوى الشيعية، التي تضم أكثر من 60 فصيلاً مسلحاً، من بينهم عدد من الجماعات خارج منظومة "الحشد".
مقابل ذلك، لا ترضي تلك الشروط الاحزاب الشيعية ضمن ما يعرف بـ "الإطار التنسيقي"، والتي تدعي امتلاكها ما بات يعرف بـ "الثلث المعطل".
وروجت هذه المجموعة خلال الفترة الماضية، عدة قصص لنسف مشروع الصدر منها اتهام الاخير بانه يسعى لـ "تفتيت الشيعة" و "حل الحشد".
وكان القصف الايراني "البالستي" الاسبوع الماضي، ضد اربيل، هو أحد أعنف ردود طهران على رفض زعيم التيار الصدري ضم "الشيعة" الى الحكومة.
وتتوقع مصادر المعلومات القريبة من اجواء المفاوضات ان كل الاحتمالات مفتوحة وواردة، منها "توجيه طهران ضربات جديدة إذا سارت الامور عكس رغبتها".
وهذا الامر لمح له محللون ايرانيون، عبر ترويجهم لأخبار وجود مقرين او 3 أخرى لـ"الموساد" في اربيل، وهو جهاز المخابرات الاسرائيلي، سيتم استهدافها.
التوقعات في الشأن كانت بتوجيه الضربة المقبلة ضد القوى السنية، وهي الحليف الاخر للصدر بعد الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتلقى "السنة" أكثر من هجوم، بعد استهداف مقرات ومنازل نواب، من بينهم منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي في الانبار، الذي وقع صاروخ بالقرب منه الشهر الماضي.
وتتضمن "سلسلة التهديدات" ضد التحالف الثلاثي، التلويح بـ "تخريب" جلسة البرلمان المقبلة المخصصة لاختيار رئيس الجمهورية.
وحتى الان، يملك "الاطاريون" عمليا ما بين 80 الى 85 مقعداً، وهو اقل بـنحو 30 مقعداً عن "الثلث المعطل"، الذي يمكن ان يوقف جلسة انتخابات الرئيس، الا انهم ايضا مازالوا يأملون بالتوصل الى حل مع "الصدر" في اللحظات الاخيرة.
وكانت المحكمة الاتحادية قد فسرت الشهر الماضي، نصاب جلسة اختيار "الرئيس" بوجود ثلثي عدد البرلمان (220 من أصل 329 مقعدا).
لكن "التنسيقي" يدعي بانه بات يملك 130 مقعدا، اعتمادا على تفاهمات مع مستقلين والاتحاد الوطني الكردستاني الذي يملك 17 مقعدا.
الرقم الاجمالي (130) او أكثر بحسب تصريحات اعضاء "التنسيقي" مازال مثار شك، خصوصا ان "الاتحاد" لم يعلن انضمامه بشكل صريح الى المجموعة.
كما كان الإطار التنسيقي، قد لمح عدة مرات بانه سيعلن تشكيل "الثبات الوطني" وهي كتلة جديدة تضم الاول، ويرأسها نوري المالكي، زعيم دولة القانون، وهو امر لم يحصل حتى الان.
وعلى هذا الاساس فان فشل البرلمان في عقد جلسته المقبلة والتي حددت يوم 26 من آذار الحالي، سوف يذهب "الاطاريون" للطعن بنتائج الانتخابات واجراء اخرى مبكرة.
لكن عبد السلام برواري، وهو عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني، قال في تصريحات صحفية، إنه "يمكن ان تعقد جلسة جديدة بنفس المرشحي إذا فشلت الجلسة المرتقبة".
وكان البرلمان قد فتح قبل اسبوعن، للمرة الثالثة، باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، وقال ان الاجراء الاخير هو "لمرة واحدة فقط".
وتلقف زعيم التيار الصدري رأس الخيط، وقال أمس، بان الجلسة المقبلة هي "الفرصة الاخيرة" في مشروع الاغلبية.
ودعا زعيم التيار الصدري في تغريدة على "تويتر" المستقلين بالانضمام اليه، وقال: "يجب الخروج من عنق التوافق إلى فضاء الأغلبية".
وقدم الصدر للمستقلين، دعوة للمشاركة في الحكومة المقبلة والتلميح بإعطائهم مناصب، وعدم الاصطفاف مع "الثلث المعطل" الذي اعتبره منشأ لـ "الترغيب والترهيب".
واضاف زعيم التيار موجها كلامه للمستقلين: "سنعطي لكم مساحة لإدارة البلد... ان ابتعدتم عن التهديدات".
وهذه مرة جديدة يشير فيها الصدر الى وجود "تهديدات"، بعدما اعتبر في وقت سابق ان قصف اربيل هو محاولة لـ "تركيع" عاصمة الاقليم.
كما كان زعيم التيار قد اشار في مرات سابقة عقب استهداف مقرات "السيادة" وهو تحالف القوى السنية وشريك الصدر، الى وجود تهديدات لحلفائه".
ويقدر عدد ما تبقى من المستقلين في البرلمان وهم فئة المحايدين، بعد اندماج عدد منهم ضمن القوى الكبيرة، بنحو أربعين او أكثر من ذلك بقليل.
وهذا العدد يلائم تماما التحالف الثلاثي في تحقيق نصاب جلسة اختيار "الرئيس"، حيث يمتلك التحالف في اسوأ الاحوال 180 مقعدا، على الرغم من ان (الثلاثي) ظهر متماسكا أكثر من ذلك حين صوت مرتين (جلسة اختيار الحلبوسي، وجلسة فتح باب الترشيح لرئيس الجمهورية الثالثة) بأكثر من 200 نائب.