مرصد الجمهورية
على الرغم من ملفات الفساد الكبيرة التي تلاحق مثنى السامرائي، إلا أن قوى الإطار التنيسقي وقياداته بدأت تعول على تلك الشخصية المتنعمة بأموال أهالي محافظة صلاح الدين، فضلاً عن عقد طباعة الكتب مع وزارة التربية المشبوه والذي اتخذه ملجاً لنهب المال العام.
لم يمكن اسم مثنى عبد الصمد حسين العباسي السامرائي (43 عاما) المنحدر من مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين، ظاهرا إلى العلن قبل عام 2014، إلا أنه كان يعرف في الأوساط السياسية كرجل أعمال وحصوله على صفقات مشبوهة وفاسدة تتعلق بعدد من الوزارات.
مثنى الذي يحمل شهادة الإعدادية، كان يعمل مع والده في المطابع قبل عام 2003، إذ إن والده عمل في دار الحرية، ودار آفاق عربية ثم تقاعد وأسس مطبعة خاصة في بغداد، وبعدها أصبح وكيلا عن مطابع أردنية تطبع كتب المناهج الدراسية العراقية.
وبعد الاحتلال الأميركي، عمل مثنى السامرائي في مصرف الوركاء حتى عين مديرا لفرع المصرف بمنطقة كرادة مريم في بغداد (داخل المنطقة الخضراء).
ويمتلك مثنى السامرائي شركة "الوفاق للطباعة"، التي تتولى طباعة المناهج الدراسية العراقية في كل عام، ويملك مثنى مصرف "الوفاق" الإسلامي المسمى سابقا مصرف الرواحل، ووضع البنك المركزي يده على المصرف واحتجز الأموال المودعة فيه عام 2020.
وأظهرت وثيقة صادرة عن البنك المركزي العراقي في 30 آذار 2020، تحمل توقيع محافظ البنك مصطفى غالب مخيف، موجهة إلى الجهات القضائية العليا، تعلمهم فيها بوضع اليد على بنك "الوفاق"، وحجز أمواله البالغة 8 مليارات دينار (نحو 6.6 ملايين دولار) لغرض زيادة رأس المال.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن "للمصرف المذكور دورا في تحويل 41 مليار دينار (34 مليون دولار) من حساب وزارة التربية"، لافتة إلى أن "هناك أمرا سابقا للبنك المركزي بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لشركة (أرض الوطن) اللبنانية المتورطة بالقضية التي تتعلق بعقد تأمين صحي أبرمته معها وزارة التربية".
عرف عن السامرائي كثرة مغادرة العراق لكنه استقر فيه من عام 2014، حيث اتخذه سليم الجبوري رئيس البرلمان مستشارا له، وذكر في وقتها أن "السامرائي" كان ممولا للسياسيين السنة بالعراق في وقتها.
ترشح السامرائي للانتخابات البرلمانية عام 2014 عن مدينته سامراء في قائمة ائتلاف "متحدون للإصلاح" بقيادة السياسي المخضرم أسامة النجيفي.
ورغم إنفاقه الكثير من الأموال على دعايته الانتخابية، فقد كان يمنح من يزوره من أهالي مدينته مبلغ (200 دولار) كهدية على زيارته، ومع كل ذلك خسر الانتخابات وخرج خالي الوفاض.
كما أن السامرائي فشل عام 2017 في نيل عضوية البرلمان كبديل عن ابن مدينته النائب مطشر السامرائي الذي قدم الاستقالة لأسباب صحية، إلا أن نوابا عن التيار الصدري اعترضوا آنذاك على ذلك لاتهامات تتعلق بالفساد المالي.
وقبل أن يعمل السامرائي مستشارا لرئيس البرلمان السابق (2014-2018)، تولى رئاسة تحالف "الوطن أولا" في انتخابات عام 2018.
وأصبح عضوا في البرلمان عن محافظة صلاح الدين لأول مرة عام 2018 وحتى اليوم، وشغل في الدورة السابقة (2018- 2021) منصب نائب رئيس اللجنة المالية البرلمانية.
وفضل السامرائي التحالف مع قوى الإطار التنسيقي الموالي لإيران بعد انتخابات 10 تشرين الأول 2021، ضمن تحالف أطلق عليه اسم "الثبات الوطني"، رافضا تشكيل حكومة أغلبية سياسية التي كان يدعو إليها تحالف "إنقاذ الوطن" المشكل من التيار الصدري، وتحالف السيادة، والحزب الديمقراطي الكردستاني.
وتطال السامرائي العديد من قضايا الفساد، حتى أنه يوصف حاليا بأحد حيتان الفساد في العراق، إذ كانت أولى القضايا التي طرح اسمه فيها، حينما اتفق على شراء وزارة التربية لشركته الطباعية "الوفاق للطباعة" وتمت عملية الشراء بمبلغ خيالي.
وبسبب نفوذه المتنامي والحديث المتزايد عن ملفات الفساد في عملية طباعة المناهج الدراسية لوزارة التربية، طرح اسم السامرائي كأحد المتهمين بالفساد المالي والإداري في حكومة نوري المالكي الثانية (2010 إلى 2014)، إلا أن الأمر توقف دون تفاصيل الدعوى وسبب إغلاقها.
وفي عام 2019 كان السامرائي أحد أبرز المتهمين بعقد التأمين الصحي الذي أبرمته وزارة التربية العراقية مع شركة "أرض الوطن" وهي مملوكة لرجال أعمال لبنانيين بقيمة 41 مليار دينار (34 مليون دولار) حيث كان تمويل العقد، من رواتب العاملين في وزارة التربية.
وقسم العقد على الشكل الآتي: 16 مليون دولار للنائب مثنى السامرائي، و3 ملايين لوزيرة التربية سهى العلي.
وبعد خلاف سياسي تسرب العقد للإعلام وبدأ القضاء بالتحقيق، إذ إنه بعد إصدار مذكرات قبض بحق ملاك الشركة اللبنانية أعادت الأخيرة نحو 30 مليار دينار عراقي، من أصل قيمة العقد البالغة 41 مليار دينار (34 مليون دولار) في محاولة لفسخ العقد وديا، وبعدها أغلقت القضية.
وقبل ذلك، طلب الادعاء العام من رئاسة البرلمان في 24 تشرين الثاني 2020، الموافقة على رفع الحصانة عن النائب السامرائي على خلفية اعترافات أدلت بها وزيرة التربية السابقة بخصوص إحالة عقد التأمين الصحي لمجموعة من المستثمرين اللبنانيين.