في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها الساحة العراقية، خصوصاً السياسية، واستمرار الصراع بين التيار الصدري والإطار التنسيقي على آلية تشكيل الحكومة الجديدة، ما زال العراقيون يترقبون ما ستؤول إليه الأوضاع بعد أشهر من القطيعة التاريخية بين أقطاب العملية السياسية والصدر.
وفي ظل المخاوف من تحول الصراع السياسي إلى الشارع العراقي والذي شهد ملامح أولية لحرب أهلية بين التيار والإطار قبل أسابيع على أبواب المنطقة الخضراء، تجددت تلك المخاوف بعد حادث يوم أمس، الذي شهد اقتحام قناة فضائية مقربة من الإطار من أتباع التيار الصدري، بعد إساءة وجهت إلى شهداء التيار عبر أحد البرامج.
وشهدت البلاد خلال الأشهر الأخيرة أزمة سياسية بين الطرفين، تمثلت في اقتحام أنصار التيار الصدري المنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، ومن ثم تطور المشهد إلى اشتباكات بينهم وبين جهات مقربة من الإطار، أوقعت العشرات من الشهداء والجرحى من الطرفين.
إلا أن المشهد السياسي بالعراق استمر على حاله، مع التوتر والاحتقان بين الطرفين، خاصة وأن الإطار التنسيقي تجاوز شروط الصدر بحل البرلمان، والتوجه نحو انتخابات مبكرة، متحدياً التيار، ونجح باستئناف عمل البرلمان، في وقت يسعى حالياً إلى التوجه نحو تشكيل الحكومة، وهو ما يتقاطع مع شروط الصدر، وسط استمرار المخاوف من عودة أنصاره إلى الشارع.
وعلى أثر مداخلة لمقدمة برنامج حواري تبثه قناة (الرابعة) الفضائية، المقربة من تحالف "الإطار التنسيقي"، وتتبنى طروحاته السياسية، بدأ تصعيد إعلامي بين الطرفين، بعدما اعتبر التيار الصدري أن المداخلة كانت تسيء له، إذ اتهمت المداخلة، التيار الصدري، بأنه باع أسلحته للأميركيين، وعلى أثر ذلك أقدم العشرات من أنصار التيار الصدري على تطويق واقتحام القناة التي تقع وسط بغداد، كما وقاموا بتكسير محتوياتها.
كما حاصر أنصار الصدر، ليلة أمس، منزل مدير القناة، غزوان جاسم، في بغداد، وسط هتافات تؤيد توجه زعيمهم وتحذر من المساس به وبالتيار الصدري.
وفي أول تعليق يخص الوضع السياسي، خرج الصدر من عباءة الاعتزال واشترط الركون إلى الحوار بأن يكون علنياً وأمام الملأ وهذا ما يرفضه الإطار والقوى المنضوية تحته.
حيث أعلن الصدر تمسكه بموقفه السياسي بتشكيل حكومة بعيدة عن الوجوه القديمة والالتزام بمحاربة الفساد، جاء ذلك رداً منه على إحاطة ممثلة الأمم المتحدة بالعراق، جينين هينيس بلاسخارت، في مجلس الأمن، والتي أكدت فيها استمرار الفساد بالعراق وخطورة الأزمة فيه، وأن الطبقة السياسية بالعراق غير قادرة على حسم الأزمة، ما يتطلب حواراً وطنياً شاملاً.
وقال الصدر في تغريدة له، إنه يؤيد ما جاء بإحاطة بلاسخارت، وإنه "يوافق على الحوار، إذا كان علنياً ومن أجل إبعاد كل المشاركين في العمليات السياسية والانتخابية السابقة، ومحاسبة الفاسدين تحت غطاء قضاء نزيه، ونتطلع لمساعدة الأمم المتحدة بهذا الشأن، أعني الإصلاح ولو تدريجياً".
وشدد على ضرورة "ألا يكون السلاح المنفلت ضمن إطار الدولة واستعماله ضد المعارضين والثائرين وفي تثبيت النفوذ وتجذر الدولة العميقة، خصوصاً وأن رئيس الوزراء الحالي يتعرض لضغوط هائلة بهذا الخصوص، مع أنه قائد القوات المسلحة، كما وأن هنالك عدم تجاوب من بعض المسلحين معه، وإن كانوا ضمن نطاق الدولة".
من جهته، اتهم نائب سابق في التيار الصدري، "الإطار" بالتصعيد ضد التيار والسعي للانتقاص من شأن "مجاهديه"، وقال النائب السابق في حديثه مع "العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إن "الإطار يسخّر كل إمكاناته الإعلامية لمحاربة التيار الصدري وإنجازات مجاهديه، وإن اتهامنا بالتعامل مع الاحتلال الأميركي سابقاً لا نقبل به".
وأكد أن "التيار الصدري له مواقف معروفة ضد الاحتلال"، محذراً "من استمرار سياسة الاتهامات التي لن نقبل بها".
وتعيش البلاد أزمة هي الأطول من نوعها، إذ حالت الخلافات بين القوى السياسية دون تشكيل حكومة جديدة منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول عام 2021.