مرصد الجمهورية/ بغداد
من جديد، عاد متظاهرون بالآلاف إلى مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء المحصنة، احتجاجا على ترشيح الإطار التنسيقي لمحمد السوداني لرئاسة الحكومة وتنديدا بالفساد. وأظهرت مقاطع فيديو لحظة اقتحام المحتجين لمبنى مجلس النواب.
وتأتي تظاهرات اليوم، وفقاً لدعوات أطلقتها منصّات صدرية، وشخصيات معروفة لدى أنصار التيار الأكثر شعبية في العراق، حتى أوصلوا رسالة "شديدة المعنى"، إلى المعنيين بترشيح السوداني، والفاسدين.
وكان الصدريون قد اقتحموا البرلمان في تظاهرات حدثت بالعام 2016، وقد ربطوا اقتحامهم اليوم بأنه امتداد للسابق، فيما حذّروا القوى السياسية من الاقتحام المقبل، حتى أطلقت بعض المنصات الصدرية وسماً جاء فيه: #الجولة_الأولى".
وأسقط المتظاهرون اليوم، الجدران المحيطة بالمنطقة، وتجاوزوا نقاط التفتيش والحواجز الأمنية، وتوجهوا إلى مقر مجلس النواب العراقي، حتى دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، المتظاهرين في العاصمة بغداد إلى الالتزام بسلميتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.
وقال الكاظمي في بيان: "يدعو القائد العام للقوات المسلحة أبناءه المتظاهرين إلى الالتزام بسلميتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم حسب الضوابط والقوانين، والانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء".
وأكد الكاظمي أن القوات الأمنية سوف تكون ملتزمة بحماية مؤسسات الدولة، والبعثات الدولية، ومنع أي إخلال بالأمن والنظام.
وبعد الكاظمي، أصدر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، تعليقاً حمل أوجهاً عديدة، حين أشار إلى أنه سيحترم قرار المتظاهرين إن أرادوا الانسحاب من المنطقة الخضراء.
وجاء في بيان تلاه صالح محمد العراقي المقرب من رئيس التيار الصدري: «أقف إجلالا واحتراما، فإنها رسالة عفوية وإصلاحية شعبية رائعة، شكرا لكم»، محذرا: «القوم يتآمرون عليكم، وسلامتكم أهم من كل شيء، فإذا شئتم الانسحاب فإني سأحترم هذا القرار».
إلا أنه وبعد ساعات، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره الذين اقتحموا البرلمان العراقي في المنطقة الخضراء ببغداد مساء اليوم الأربعاء؛ للانسحاب منه قائلا "وصلت رسالتكم.. عودوا لمنازلكم سالمين". وفي وقت سابق قال الصدر لأنصاره بعد اقتحامهم البرلمان "أقف إجلالا واحتراما، فإنها رسالة عفوية وإصلاحية شعبية رائعة، شكرا لكم".
ومن جهته قال رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي إن على الأمانة العامة لمجلس النواب التواصل مع المتظاهرين، وأضاف أن على القوات الأمنية حماية البرلمان وعدم التعرض للمتظاهرين أو المساس بهم. كما حث المتظاهرين على الحفاظ على سلمية التظاهر.
وفي بيان قال الإطار التنسيقي (الذي يشمل القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري) بالعراق لقد رصدنا تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي.
وأضاف البيان "نطالب باتخاذ إجراءات حازمة لحفظ الأمن ومنع الفوضى والممارسات غير القانونية"، وحمّل البيان الحكومة المسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة الدوائر الحكومية ومنتسبيها.
وقال رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إن على الحكومة النهوض بمسؤولياتها في حماية الوضع الأمني وتفادي إراقة الدم. وطالب المتظاهرين بالانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء والالتزام بحق التظاهر.
من جانبها علقت الأمم المتحدة على التطورات في العراق بالقول "ندعو لاحترام حرمة المباني القنصلية وفق المعاهدات الدولية".
وكان الإطار التنسيقي الشيعي قد أعلن أول أمس الاثنين ترشيح النائب محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة.
وأعلنت أمانة الإطار التنسيقي الذي يضم القوى الشيعية البارزة في العراق ما عدا التيار الصدري -في بيان- أن قادة الإطار اتفقوا بالإجماع على ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء.
وسبق للسوداني المولود عام 1970 في محافظة ميسان (جنوبي العراق) أن شغل منصب وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية وحقوق الإنسان، فضلا عن شغل وزارات أخرى بالوكالة، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في العلوم الزراعية.
ويأتي اختيار السوداني بعد ساعات من سحب مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي ترشيحه للمنصب.
وقال الأعرجي -في بيان الأحد الماضي- إنه رفض ترشيح النواب والكتل السياسية له لتولي منصب الرئيس المقبل لمجلس الوزراء، معتبرا أن انسداد العملية السياسة في العراق منذ 9 أشهر أضرّ بمصالح المواطنين والبلاد، ودعا الأطراف السياسية في بلاده لحسم اختياراتها لما فيه مصلحة وطنها، والتوافق بأسرع وقت ممكن على مرشح يقود مجلس الوزراء العراقي في المرحلة المقبلة.
ويتعين على الإطار التنسيقي أن يقدم ترشيح السوداني إلى مجلس النواب للموافقة على توليه المنصب، وهو إجراء لا يمكن أن يتم من دون أن يختار المجلس رئيس الجمهورية، وهي الخطوة التي تسبق تسمية رئيس الحكومة وفقا للدستور العراقي، إذ يكلف رئيس الجمهورية مرشحَ الكتلة السياسية (النيابية) الأكبر لتشكيل الحكومة.
يأتي ذلك في وقت تتجه فيه الأنظار إلى الحزبين الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني لحسم مرشح الأكراد لرئاسة العراق.
يشار إلى أن العراق يشهد منذ نحو 9 أشهر أزمة سياسية جراء خلافات حادة على تشكيل الحكومة بين "الإطار التنسيقي" والكتلة الصدرية التي فازت بالمرتبة الأولى بـ73 نائبا من أصل 329، لكنها انسحبت من البرلمان في 12 يونيو/حزيران الماضي بعد عدم تمكنها من تشكيل الحكومة.
وبعد 11 يوما من الانسحاب، أدى 64 نائبا جديدا اليمين الدستورية، ومعظمهم من قوى "الإطار التنسيقي" أو من مقربين منها، وبينهم مستقلون، وهو ما يضمن لـ"الإطار التنسيقي" النصاب البرلماني المطلوب لتشكيل الحكومة.
وتظاهر المئات من العراقيين، وهم مؤيدون للتيار الصدري، احتجاجا على مرشح خصوم مقتدى الصدر السياسيين في الإطار التنسيقي الشيعي لرئاسة الوزراء، وذلك قبل أن يقتحموا المنطقة الخضراء.
وقال زعيم التيار الصدري لأنصاره المتظاهرين: "القوم يتآمرون عليكم وإذا أردتم الانسحاب فسأحترم القرار"، عادًّا أن "ما يحدث رسالة عفوية إصلاحية شعبية".
وأصدر الإطار التنسيقي بياناً شديد اللهجة قال فيه: "بعد أن أكملت قوى الإطار التنسيقي الخطوات العملية للبدء بتشكيل حكومة خدمة وطنية واتفقت بالإجماع على ترشيح شخصية وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة رصدت ومنذ يوم أمس تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي".
وأضاف، أن "ماجرى اليوم من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب والمؤسسات الدستورية وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير ".
وتابع البيان: "نحمل حكومة تصريف الأعمال المسؤولية الكاملة عن أمن وسلامة الدوائر الحكومية ومنتسبيها والبعثات الدبلوماسية والأملاك العامة والخاصة ونطالبها باتخاذ إجراءات حازمة لحفظ الأمن والنظام ومنع الفوضى والممارسات غير القانونية".
وأكمل الإطار: "كما ندعو أبناء شعبنا العراقي العزيز إلى مزيد من الوعي والحذر من مكائد الأعداء والتصدي لأي فتنة يكون الشعب وأبناؤه وقودا لنارها".
بدوره، وجّه رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، الأمانة العامة لمجلس النواب بالتواجد في المجلس والتواصل مع المتظاهرين، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء العراقية.
ودعا الحلبوسي، المتظاهرين، إلى "الحفاظ على سلمية التظاهر"، مشددا على أن "قوات حماية البرلمان عدم التعرض للمتظاهرين أو المساس بهم".
وقال مصدر أمني إن "المتظاهرين تقدموا داخل المنطقة الخضراء وحاولوا الوصول إلى البرلمان"، ولمنعهم "أطلقت القوات الأمنية الغاز المسيل للدموع عليهم". وأضاف أن "بعضهم أصيب بالاختناق"، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس" للأنباء. ومع ذلك، تمكّن متظاهرون من دخول مبنى البرلمان.
وحاولت القوات الأمنية بداية منع المتظاهرين من اقتحام المنطقة الخضراء عبر إطلاق الماء عليهم.
وانطلقت التظاهرة بعد الظهر من ساحة التحرير في وسط العاصمة، حيث رفع المتظاهرون الأعلام العراقية وصورا للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، معبرين عن رفضهم ترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، ثمّ توجهوا عبر جسر الجمهورية إلى بوابات المنطقة الخضراء.
وحمل بعض المتظاهرين لافتات كُتبت عليها شعارات منددة بترشيح السوداني لرئاسة الحكومة.
من جانبها، دعت الأمم المتحدة في معرض تعليقها على التطورات في بغداد، "لاحترام حرمة المباني القنصلية وفق المعاهدات الدولية".
وغرد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مخاطباً المتظاهرين عبر تويتر: "ثورة محرم الحرام، ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد، وصلت رسالتكم أيها الأحبة فقد أرعبتم الفاسدين، جرة إذن صلوا ركعتين وعودا إلى منازلكم سالمين".