تستعد محافظة ذي قار جنوب العراق، للمباشرة في بناء مركز "حوار الأديان" الذي سيحتضن دور عبادة لأتباع الديانات الإبراهيمية (اليهودية والمسيحية والإسلام) إلى جانب الديانة الصابئية، وقاعات ومنتدى لحوار الأديان، في مدينة أور الأثرية.
ورغم أهمية أور التاريخية كونها أحد المدن السومرية الرئيسة جنوب بلاد ما بين النهرين، إلا أن الأوضاع التي يشهدها العراق منذ عقود جراء الحروب والأزمات الاقتصادية والأمنية، ساهمت بإهمالها وغيرها من المدن والمواقع الأثرية البارزة.
وكان اختيار بابا الفاتيكان البابا فرانسيس، أور، لأداء صلاة موحدة بين الأديان الإبراهيمية والديانات الأخرى خلال زيارته للعراق في مارس 2021، سلط الضوء على هذه المدينة التي تشير المصادر التاريخية والدينية في مقدمتها الإنجيل، إلى أنها مسقط رأس النبي إبراهيم.
وأعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي نهاية العام الماضي، أن اللجنة المعنية بعملية تطوير مدينة أور السياحية انتهت من إعداد التصاميم الأساسية للمشروع، مشيرة إلى أن "عملية تطوير المدينة السياحية الجديدة، ستتضمن إنشاء مركز لحوار الأديان، ومسجد وكنيسة ومتحف، بالإضافة لمجمعات سكنية وفندقية، ومناطق سياحية وترفيهية، ستجعل منها قبلة للزائرين من داخل وخارج العراق"، وفق نصّ بيانها.
يقول مساعد محافظ ذي قار لشؤون التخطيط، غسان الخفاجي، إن مجلس الوزراء أصدر الأمر الديواني (رقم 38 لسنة 2021) الخاص بتطوير أور، بعد زيارة البابا فرانسيس إليها، وشمل طرح الأفكار والرؤى لاستثمار هذه الزيارة، كما تم تحديد عدة مواقع للتطوير والاستثمار قرب المدينة الأثرية، التي تتوافق مع محددات هيئة الآثار والسياحة".
ويضيف أن "المبدأ من إنشاء مركز حوار الأديان هو تجسيد التعايش السلمي الذي يتمتع به العراق، المعروف بتنوع وتعدد الأطياف والأديان".
وتشهد مدينة أور الأثرية منذ زيارة البابا، تزايداً لإقبال السياح الأجانب على زيارتها. وقال مديرها علي كاظم، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية في 25 مايو الماضي، إن "توافد السياح مستمر ونأمل ارتفاعه مع تطبيق أعمال التأهيل والتطوير".
كما اتسعت الزيارات السياحية إلى "الأهوار ومدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار"، حسب كاظم.
من جهته، يؤكد مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين، حيدر سعدي، أن "الحكومة المحلية خصصت أرضا مساحتها أكثر من 10 آلاف متر مربع، لإنشاء مركز حوار الأديان، الذي سيحتضن دور عبادة لجميع الديانات الإبراهيمية ضمن مشروع مدينة أور السياحية".
ويبيّن لـ"ارفع صوتك"، أن "مشروع إنعاش وإحياء مدينة أور جزء من التراث الإنساني، بالتالي ينبغي أن يشمل جميع الطوائف والديانات ويكون مركزا لاجتماع ووحدة هذه الديانات والشعوب وملتقى لها، ويساهم بإعادة العراق الى مكانته الحضارية في العالم".
أما أسباب عدم البدء بالبناء حتى كتابة هذا التقرير، فهي حسب سعدي، تتعلق بالإجراءات الروتينة والأساسية قبل الشروع بالبناء "كإجراء عملية مسح واسعة للمنطقة من أجل فرز المناطق الأثرية فيها أولا، ثم تحديد مساحة خالية من المناطق والتلال الأثرية، كي يتم التشييد فيها لا فوق الآثار، وبعد انتهاء المسح تتم المباشرة بإنشاء المباني ضمن المدينة السياحية".
ونقلت وكالة الانباء العراقية في مايو الماضي، عن المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء حيدر مجيد قوله، إن "اللجنة المعنية في الأمانة العامة وجهت بتخصيص مبلغ 10 مليارات دينار من صندوق محافظة ذي قار، لغرض إنشاء البنى التحتية للمدينة السياحية في أور، واتخاذ جميع الإجراءات لتطوير المدينة الأثرية حيث تم التعاقد مع إحدى الشركات المحلية".
وقال إن الشركة "باشرت بالفعل بالعمل على إنشاء البنية التحتية للمدينة السياحية تمهيداً لاستكمال بقية الأعمال داخل المشروع".