×

أخر الأخبار

بين مشاريع السعودية و"لوبي" إيران.. من يقف وراء تحويل بادية العراق إلى "مزارع كبرى"؟

  • 11-05-2022, 12:07
  • 541 مشاهدة

قبل أيام، عرضت وسائل إعلام عراقية تقريراً زعمت أنّه نقلاً عن مجلس الاستخبارات القومي الأميركي، يورد أنه "بطريقة غير مدروسة وغير مفهومة أبلغ العراق المملكة العربية السعودية صاحبة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، بأنه لن يتمكن من توفير كميات المياه اللازمة للمشاركة في المشروع الذي تكفلت به المملكة، لزراعة نحو ستة ملايين دونم من أراضي الأنبار والنجف والمثنى".

ولم تورد وسائل الإعلام التي تناقلت الخبر رابطاً أو أيّ دلالة لصدور تقرير من هذا النوع عن مجلس الاستخبارات القومي الأميركي.
ورداً على ذلك، يؤكد المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف، أن الوارد أعلاه "عار عن الصحة".
ويوضح: "الجانب العراقي قطع خطوات وسلسلة من النقاشات مع الجانب السعودي طيلة السنوات الماضية وما زال الأمر قائماً، ولكن ما يعطل استكمال ذلك الأمر عدم تشكيل حكومة جديدة للمضي بتدشين التعاقدات". 
ويتابع النايف: "الأمر يحتاج إلى ثبات المؤسسات التنفيذية بما يعطيها الغطاء الشرعي والدستوري ولا يمكن تحقيق ذلك في ظل حكومة تصريف الأعمال الحالية".
ويشير إلى "وجود مخططات لاستثمار الأزمة المائية؛ في محاولة لتقديم البلاد كواحدة من الدول الفقيرة بغية إبقاء العراق حديقة خلفية لاستهلاك البضائع الأجنبية".

ماذا تعرف عن مشروع "الحزام الأخضر" في العراق؟
ويشير إلى "وجود مناطق زراعية واسعة في محافظات الأنبار والمثنى وذي قار انتهت بيئياً، بسبب تكرار مواسم الجفاف وانخفاض تدفق المياه في دجلة والفرات، إلى جانب سوء إدارة الموارد المائية ثم زيادة نسبة الملوحة". 
 
ما قصة المشروع السعودي؟
بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين العراق والسعودية في الأعوام القليلة الماضية، وتحديدا خلال فترة ترأس حيدر العبادي لمجلس الوزراء، جرى توقيع مذكرات تفاهم وتعاون في قطاعات الزراعة والتجارة والصناعة.

وفي نهاية فترة العبادي، كان التباحث بين الطرفين جار حول تطوير القطاع الزراعي في العراق، باستنساخ تجارب ناجحة استطاعت خلال مدد قصيرة تحقيق نتائج مبهرة على مستوى سوق الإنتاج الإقليمي والدولي.

ومن ضمن الأفكار المطروحة، استثمار بعض البوادي والصحارى العراقية القريبة من الحدود السعودية، إلا أنها لم تندفع لمستوى الإعلان عن المشروع بشكل رسمي في وسائل الإعلام حتى وصول عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء.

وفي مطلع 2019، كشف الجانب العراقي عن عرض شركة "المراعي" السعودية لإنشاء مشاريع استثمارية في مناطق البادية، تختص بمجالات الزراعة وتربية الحيوانات والصناعات الغذائية.

ويشمل المشروع استثمار 1.7 مليون دونم للأغراض الزراعية في الصحراء جنوب وجنوب غربي البلاد.

إلا أنه توارى عن الأنظار وغاب عن أخبار الحكومة، حتى تقديم عبد المهدي استقالته على أثر الاحتجاجات الشعبية العارمة التي سادت مناطق جنوب ووسط العراق في أكتوبر 2019.

ومع وصول الكاظمي إلى القصر الحكومي في مايو 2020، كانت العلاقات العراقية العربية تشهد مواسم ربيعها بعد جهود كبيرة بذلتها بغداد لتحريك البلاد نحو الفضاء العربي الدولي.

وكانت المملكة السعودية بمثابة البوابة التي يمر منها العراق إلى محيطه الخليجي العربي، بعد تبادل للزيارات على مستويات رفيعة جداً، تكللت باتفاقات ومشاريع اقتصادية وتنموية ظهرت تجلياتها في إعادة افتتاح منفذ عرعر الحدودي الذي كان مغلقاً لأكثر من 25 عاماً.

ومع تنامي تلك العلاقات، ظهر مشروع الاستثمار الزراعي السعودي في العراق تارة أخرى، ولكن بخطوات أكبر رسمت على ورق التخطيط تمهيداً للتنضيج والتحضر لمرحلة التنفيذ.

التصحر العراق
أزمة بيئية أو سياسية؟
تلك التطورات أغضبت بعض القوى السياسية التي قامت بالاعتراض بدءاً من التشكيك بنوايا الرياض وليس انتهاءً بتوصيف بأنه "تحرك استعماري ناعم" تقوده السعودية في العراق.

ومن المخطط ضمن المشروع أن يتم استثمار صحراء العراق، بدءاً من الأنبار مرورا بالنجف وكربلاء ثم وصولاً إلى المثنى، بمساحة مليون هكتار تقريبا، مع توفير أكثر من 60 ألف فرصة عمل.

كما يتضمن إقامة مصدات خضراء عند بوادي العراق عبر زراعة أكثر من 10 ملايين نخلة، وتأسيس مدن سكنية وصناعية ومزارع أبقار.

ويكتسح التصحر البلاد منذ سنوات، بالإضافة إلى تقلص المناطق الزراعية والخضراء جراء تقلبات المناخ العالمية وأزمة الجفاف.

في نوفمبر 2020، جاء موقف وزارة الموارد المائية من الحراك الدائر بشأن استثمام السعودي للبوادي العراقية، صادماً، حين أكدت أن خزين المياه الجوفية في تلك المناطق لا يسمح بوجود استثمارات كبيرة، مما يهدد على حد وصفها "مستقبل ثروة الأجيال"، من ثروة العراق المائية.

وحسب المخططات الأساسية، يتطلب المشروع السعودي ديمومة مائية لمدة 50 عاماً، بينما أكدت الوزارة أن كميات المياه الجوفية المتوفرة لا تكفي لخمس سنوات.

في نفس السياق، يقول الأكاديمي والمحلل السياسي إحسان الشمري إن "اعتراض مشروع الاستثمار السعودي في بادية العراق وما حمل من تفسيرات وتأويلات؛ يأتي بهدف سياسي، الغرض منه الحفاظ على مصالح دول إقليمية معروفة ومشخصة في البلاد خشية أن تتعرض للضرر".
ويضيف أن "التوجه نحو المشروع الذي ولد من رحم مقررات المجلس التنسيقي بين البلدين،  يأتي ضمن تحرك العراق كجزء من منظومة الأمن الغذائي الإقليمية، بالتالي يتحرك ضمن نطاق معروف وسائد بما يؤمن قوت الشعب ويوفر الضمانة الاقتصادية للبلاد".