×

أخر الأخبار

"فضائح وتحرش وابتزاز".. عراقيات يكشفن المستور بشركات التوظيف "الوهمية"

  • 9-05-2022, 11:14
  • 484 مشاهدة

مرصد الجمهورية

بشغف واهتمام تابعت (ن، أ) خبراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن حاجة إحدى شركات السفر والسياحة لموظفات يعملن بمرتب شهري قدره (800$).
وما كان منها، إلا التقدم لهذه الوظيفة، لا سيما أن الراتب كان مغرياً، في ظل تراجع قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي.
وحسب شقيق (ن، أ)، الذي تحفظ على اسمه هو أيضاً: "كانت البداية من خلال بعث رسالة لموقع الشركة الإلكتروني تسأل فيها شقيقتي عن تفاصيل الوظيفة وما هي الشروط المطلوبة، وسرعان ما جاء الرد بضرورة إرسالها لوثائقها الرسمية مع صورتين شخصيتين، وبعدها تم تحديد اجتماع رسمي في أحد مطاعم المدينة".
ويضيف "كان هناك خوف وتردد من إرسال الوثائق للشركة، إلا أنه تلاشى حين علمنا أن اجتماعا مع أفراد من إدارة الشركة سيعقد لاحقاً لعقد غداء عمل بمثابة مقابلة شخصية مع المتقدمات للحصول على هذه الوظيفة".
وبحضور عدد من ذوي المتقدمات لوجبة الغداء في المطعم طلبوا من الفتيات الجلوس في صالة وجلوس ذويهن في صالة أخرى، بحجة عدم التأثير على سير المقابلة الشخصية.

وبعد عدة أسئلة وأجوبة، طلب أحد أفراد الشركة الوهمية من الفتيات تسليم هواتفهن مع رمز القفل الخاص بكل هاتف لغرض إكمال إجراءات تنصيب برنامج إلكتروني يساعدهن في عملهن الوظيفي الجديد، حسب شقيق (ن، أ).
ويتابع: "بعد جمع الهواتف (12 هاتفا ذكيا) اختفى كادر الشركة من المطعم وأغلقت هواتفهم، وحينها علمنا أننا وقعنا ضحية عملية نصب واحتيال، لأننا نملك معلومات عن الشركة سوى عنوانها الافتراضي ورقم هاتف أغلق لاحقاً ولم نتمكن من الاتصال به".

وقدمت عائلته، وباقي العائلات بلاغات لدى الجهات الأمنية، إثر ما حدث.
تحذيرات رسمية 
في السياق نفسه، حذر مدير مديرية العمل والشؤون الاجتماعية في محافظة ميسان، فاضل مطشر شاكردي، من التعاطي والتفاعل مع الروابط الإلكترونية غير الرسمية، التي تستغل الباحثين عن عمل، وتقوم لاحقاً بابتزازهم، بعد جمع بياناتهم.

وفي حديثه يؤكد الشاكردي أن الجهة الوحيدة الرسمية في المحافظة هي مديرية العمل والشؤون الاجتماعية وقسم العمل والتدريب المهني (مكتب التشغيل)، وعبر صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، تُعنى بتوفير فرص العمل في القطاع الحكومي والخاص والشركات الاستثمارية داخل ميسان.

وحسب توضيحه "قامت المديرية التابعة لديوان محافظة ميسان، بتوفير ما 6000 فرصة عمل تقريباً، وتدريب الباحثين عن العمل في ورش فنية تتناسب مع حاجه السوق، بالاعتماد على قاعدة بيانات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية".

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا مئات الحالات لعمليات احتيال وابتزاز لشبان وشابات وقعوا ضحايا لأشخاص استغلوا حاجتهم لإيجاد عمل، عبر الترويج لوظائف وهمية في شركات وهمية.
ما علاقة الزواج بالتوظيف؟
تقول زينب (33 عاماً)، واسمها مستعار تجنباً للحرج الاجتماعي، إنها وقعت ضحية هذه الشركات أيضاً، بعدما رأت إعلاناً ممولاً على فيسبوك لفرصة عمل في شركة تسويق إلكتروني.

وتوضح "قدمت طلبا للوظيفة، وبعد استفسار وحوار استمر عدة أيام مع شخص ادّعى أنه مسؤول العلاقات العامة، طلب إرسال صورتي الشخصية وبعض الوثائق الرسمية كشرط للحصول على الوظيفة، وبعد ذلك تحولت الأحاديث إلى الغزل والرومانسية".

"وحين قررت التوقف والانسحاب، بدأ بتهديدي ونشر المحادثات بيننا وفضحي في صفحات يديرها لهذا الغرض، أو الانصياع لرغباته بالتواصل معه في مكان خاص هو يحدده"، تضيف زينب.
وتقول إنها عاشت شهراً كاملاً من القلق والخوف، فما كان منها إلا إغلاق هاتفها وحذف حسابها على فيسبوك، لتفادي التواصل مع "المجرم" كما وصفته.

ولدى زينب رغبة كبيرة في الحصول على عمل، لأنها تعتقد أن أحداً لن يتقدم لخطبتها وهي غير موظفة، تقول "الرجل يفضل الزواج من امرأة لديها راتب شهري لمساعدته في تأسيس أسرة ومنزل بكامل احتياجاته الحياتية".

وتبيّن: "أنا لا أملك شهادة جامعية، إذ أجبرني والدي على ترك الدراسة بعد حصولي على شهادة الثالث المتوسط، ولم أحصل على وظيفة حكومية. وحاولت خلال السنوات العشر الماضية التقديم على جميع دوائر الدولة لكن دون جدوى، فبقيت حبيسة المنزل".
57 حالة ابتزاز ونصب
يؤكد رئيس فريق الأمن الرقمي ومكافحة الابتزاز الإلكتروني علي البعاج: " تمكنا من معالجة عشرات حالات الابتزاز بما فيها عمليات النصب والاحتيال، حيث تمكن الفريق وخلال سنة واحدة من إيقاف 57 عملية ابتزاز ونصب في محافظة ميسان، وجميعها تمت بالتعاون مع الأجهزة الأمنية".

كما أوقف الفربق عمل "عشرات" المواقع الإلكترونية و"فضحها" في مواقع التواصل لتجنيب الشباب الوقوع في شباكها، وفق ما يقول البعاج.   

و "الأمن الرقمي"، فريق شبابي تطوعي يندرج ضمن الفرق التطوعية لمديرية شباب ورياضة محافظة ميسان.

يضيف البعاج: "التحدي الوحيد الذي يعرقل عمل الأجهزة الأمنية لإكمال آلية الوصول للجناة وإلقاء القبض عليهم، هو عزوف المتضررين عن الإبلاغ ضد هذه المواقع، خصوصا حين يتعلق الأمر بابتزاز النساء".

ما الأسباب؟
من جهته، يقول الباحث الاقتصادي جمعة الساعدي، إن تزايد حالات الابتزاز عائد إلى "ارتفاع نسب البطالة في العراق لنسب غير مسبوقة رغم ما يتمتع به البلد من ثروات هائلة، حيث تشير تقديرات وزارة التخطيط أن نسبة البطالة للعامين الماضيين 13.8".

ولأن الحصول على التعيينات الحكومية، أمر صعب في العراق، فأن "الكثير من العاطلين عن العمل يضطرون لدفع رشاوى مالية تصل إلى ملايين الدنانير، وهو ما لا تتمكن فئة الشباب عادة منه، خصوصاً ذوي الدخل المحدود"، وفق الساعدي.

ويرى أن الشباب ونتيجة ما سبق، يبحثون ويتقدمون لا فرصة عمل وأحيانا يتعرضون للخسائر لقاء ذلك، لكنها أقل من تقديم الرسوة، حسب تعبيره.
ثغرات قانونية 
بالنسبة للجوانب القانونية، يشير المحامي مناف النوري،  إلى وجود ثغرة بمجمل القوانين وليس فقط المادة (٥٦) من قانون العقوبات، القوانين كونها غير متخصصة بالإضافة لما يحمله "قانون الجرائم المعلوماتية"، من إشكالات منعت من التصويت عليه والمعارضة الشديدة لإقرار قانون يتعارض مع حرية التعبير عن الرأي.

"فالقانون  لم يواكب حتى حالة التطور الحاصلة في الجريمة الإلكترونية رغم دخول بعض التحديثات كاعتبار المحادثة الإلكترونية دليلا أو مبرزا جرميا بالإمكان الاستناد عليه في الجريمة الإلكترونية"، حسب النوري.

ويضيف "بالتالي تبقى العقوبات حسب قناعات القاضي ومدى قوة الأدلة المطروحة وتتراوح عقوبة بعض الجرائم الإلكترونية من خمس سنوات إلى عشرة وحسب شدة الجريمة المرتكبة".
ويشدد النوري على ضرورة إدخال تعديلات على قانون العقوبات وسن قانون يجرم القضايا الإلكترونية بمعزل عن الجرائم الجنائية أو الاعتيادية المكانية المعروفة في القانون العراقي رقم (111 سنة 1969)، وذلك "لمواكبة الجريمة الإلكترونية التي شهدت تطورا في الآونة الأخيرة ومكنت مرتكبيها من ممارسة جرائمهم باحترافية بالغة"، على حد تعبيره.