"الثلث المعطل"، أو "الثلث الضامن".. اختلفت تسمياته والهدف والمنشأ واحد، فمن إيران تنطلق التسميات والتوجهات، هذا ما حصل في لبنان قبل سنوات، ويتكرر الآن داخل العراق، من أجل الدخول بالحكومة، حتى وإن كانت الأطراف التي تريد ذلك، خسرت في الانتخابات.
والثلث في لبنان هو موضع الخلاف على تسميته، وتفسير معناه ووظيفته، سواء أكان ضامناً أو معطلاً يعني الحصول على ثلث الحقائب الوزارية زائد واحدة في أي حكومة، بما يسمح للمعارضة (الأقلية) بمنع الأكثرية من اتخاذ القرارات المصيرية، لأن الدستور اللبناني يشترط في بعض المواد تصويت ثلثي أعضاء الحكومة على أي قرار ليصبح نافذاً.
وحصلت المعارضة اللبنانية على الثلث المعطل للمرة الأولى منذ الاتفاق في الدوحة عام 2008، بعد أن وصلت البلاد إلى حافة حرب أهلية، ليظهر شيء إلى العلن يسمّى بـ"الديمقراطية التوافقية"، حيث لا يخسر الخاسر كل شيء، ولا يربح الرابح كل شيء.
والثلث المعطل في لبنان يتعلق بجلسات مجلس الوزراء، لكن في العراق، شكّل الإطار التنسيقي "ساتراً" احتمى به، تحت تسميّة الثلث المعطل، حين يعطّل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، التي اشترط الدستور أن يحضر فيها ثلثا البرلمان (220 نائباً).
وظهر الثلث المعطل في العراق، بعد دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، النواب المستقلين في البرلمان العراقي إلى مساندته في تشكيل حكومة أغلبية وطنية، مشدداً على ضرورة الخروج من عنق التوافق إلى فضاء الأغلبية، وعدم تعطيل عقد الجلسات، ليظهر بعدها زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ، متمسكاً مع فريقه بالإطار التنسيقي بـ "الثلث المعطل" لجلسات البرلمان، في أول رد من قوى التحالف المدعومة من إيران.
ويتوافق هذا الأمر، مع ما حصل في الحكومات اللبنانية السابقة، حين جعلت في يد حزب الله وحلفائه ثلث وزراء الحكومة، من أجل وقف أي مشروع يحتاج لتصويت أغلبية الوزراء دون موافقتهم.
ويريد الإطار التنسيقي المشاركة بالحكومة الجديدة على الرغم من خسارته في الانتخابات، بينما يريد الصدر، تشكيل حكومة تتحمل مسؤوليتها الأحزاب الثلاثة الفائزة في الانتخابات وهي: الكتلة الصدرية، والديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة.
ولم يستطع التحالف الثلاثي المذكور آنفاً، تمرير مرشحه لمنصب رئيس الجمهورية، ريبر أحمد، في جلستين برلمانيتين، لم تحققا حضور 220 نائباً تحت قبة البرلمان، الأمر الذي أجّلَ حسم تشكيل الحكومة إلى ما بعد العاشر من شوال المقبل، أي تحديداً بعد انتهاء مهلة الصدر.
وكان الصدر قد أعطى فرصة للإطار التنسيقي وحلفائه، من أجل المضي بتشكيل الحكومة، من دون إشراك التيار الصدري، ليعلن بعدها الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، تمسكهما بحليفهما الذي دافع عن أربيل والأنبار في أكثر من مناسبة أمام الخروق التي تحصل.
ويقول الإطار التنسيقي، إنه "يريد المضي بتشكيل الكتلة الأكبر التي ترشح رئيس الوزراء، مع الكتلة الصدرية، لضمان حق المكون الشيعي"، لكن التيار الصدري لا يريد ذلك، حيث أكد مراراً، أنه "سيبقى الأغلبية التي تمثل المكون الشيعي، داخل البرلمان والحكومة".
وإلى جانب التنسيقي، هناك عدد من النواب السنة والأكراد لا يريدون دخول جلسة البرلمان لغايات في أنفسهم، فنواب عزم، ووفق ما أفاد مصدر سياسي، فإنه "يريد الحصول على وزارتين في الحكومة المقبلة"، بينما يريد الاتحاد الوطني الكردستاني تمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية، برهم صالح.
ويشهد العراق بعد الانتخابات البرلمانية الأخير، خلافات حادة بشأن تشكيل الحكومة في العراق، ويظهر هذا الخلاف بشكل واضح بين الصدر والاطار التنسيقي، الذي يشمل تحالف الفتح، فضلاً عن نوري المالكي وغيرهما من الأحزاب والفصائل الموالية لإيران، والتي نالت خسارة كبيرة في الانتخابات الأخيرة.
ففيما يتمسك الصدر الذي فاز بالحصة الأكبر في الانتخابات النيابية العراقية في العاشر من تشرين الأول الماضي، بتشكيل حكومة أغلبية وطنية (كونه الكتلة الأكبر)، مستبعداً بعض الوجوه من الاطار التنسيقي، يتمسك الأخير بالمشاركة، بل تسمية رئيسها أو بالحد الأدنى الموافقة عليه.
ورغم ذلك، عرض الصدر على النواب المستقلين إدارة البلد، قائلاً "إن كنتم لا تثقون بي أو بالكتلة الصدرية، فإننا سنعطي لكم مساحة لإدارة البلد إن وحدتم صفوفكم وابتعدتم عن المغريات والتهديدات".
وكانت نتائج الانتخابات الأخير قد أفرزت حصول زعيم التيار الصدري على 73 مقعداً نيابياً في البرلمان، بينما لم يحصد تحالف الفتح سوى 17 مقعداً، فيما حاز تحالف تقدم، (الذي يرأسه محمد الحلبوسي رئيس البرلمان)، على 41 مقعداً نيابياً، فيما حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 31 مقعداً.