العهد/ بغداد
يعتبر محللون وخبراء سياسيون عراقيون إيقاف زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، المفاوضات بين التيار والكتل الأخرى خطوة هدفها تفادي لجوء الإطار التنسيقي لخيار تعطيل جلسات البرلمان ورسالة لإيران مفادها أن الحكومة ستشكل بقرار عراقي.
وأعلن رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب العراقي، حسن العذاري، في مؤتمر صحفي عقده في 5 فبراير الحالي عن تجميد مفاوضات كتلته مع الكتل السياسية الأخرى حتى إشعار آخر بأمر من زعيم التيار مقتدى الصدر.
وقاطعت الكتلة الصدرية وحليفاها تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني على أثر هذه الخطوة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، التي كان من المقرر عقدها، الإثنين الماضي، وأعلن فيما بعد الإطار التنسيقي "تحالف الأحزاب والفصائل المسلحة الموالية لإيران" هو الآخر عدم حضور الجلسة التي أجلت إلى وقت لاحق وأعلنت رئاسة البرلمان فتح باب الترشيح مجددا للمنصب.
ويشير المحلل السياسي، علي البيدر، إلى أن قرار تجميد المفاوضات بين التيار الصدري والقوى الأخرى يقتصر بشكل غير مباشر على القوى المشاركة في الإطار التنسيقي، لأن الصدر ماضِ في تحالفه مع تحالف السيادة والديمقراطي الكردستاني.
ويتابع البيدر "أي خطوة أخرى غير التي أعلنها الصدر قد تؤدي إلى الانسداد السياسي، إيقاف المفاوضات هو تأكيد على دعوات الصدر السابقة للاتفاق مع جزء من قوى الإطار التنسيقي وليس جميعها فهو يجابه الضغوطات الإيرانية برفض قاطع، وإصرار على أن تكون الحكومة عراقية".
وأوضح الصدر في تغريدة صباح الأربعاء الماضي أن الحكومة المقبلة "لن تكون خلطة عطار"، في إشارة إلى أن اختيار الوزراء سيكون بعيدا عن المحاصصة الحزبية.
وأعلن الإطار التنسيقي في بيان، الأربعاء الماضي، عن مبادرة من 3 نقاط للخروج مما أسماه الانسداد السياسي، وتضمنت الأولى دعوة كل القوى السياسية والشخصيات الوطنية إلى بدء مرحلة جديدة من التواصل والحوار لإنجاز الاستحقاقات الدستورية بما يحقق شراكة حقيقية في إدارة البلد، والثانية استثمار الوقت للتفاهم والحوار، وتغليب المصلحة العامة للبلاد، داعيا القوى السياسية إلى تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عدداً والجلوس واللقاء والتحاور حول تشكيل الكتلة الأكثر عدداً بشكل جديد.
وتضمنت النقطة الثالثة من المبادرة الدعوة إلى اتفاق الكتلة النيابية الأكثر عدداً على معايير اختيار رئيس وزراء قادر على عبور المرحلة، ومواصفات تشكيل الكابينة الحكومية وفق معايير النزاهة والكفاءة لتكون أمينة على القرار السيادي الذي يحفظ أمن العراق واستقلاله، وتكون قادرة على اتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تنهض بواقع البلاد، معربا عن الاستعداد للتفاعل بإيجابية مع كل الطروحات والافكار والرؤى التي ستقدم من قبل كافة الأطراف.
ويشير الخبير في القانون الدستوري، وائل البياتي، إلى أن الإطار التنسيقي لن يجازف بالذهاب إلى تشكيل حكومة خارج مشاركة التيار الصدري، باعتبار أن التيار يمتلك وبشكل أساسي ومهم مسألة التأثير على الشارع وأنه في حال بقاء الصدر معارضا فإنه سيعمل على إسقاطها شعبيا خلال فترة لن تتجاوز 6 أشهر.
ويقول البياتي "خطوة الصدر بإيقاف المفاوضات هو أسلوب استباقي الغرض منه أولا تفادي مسألة عدم تحقق النصاب داخل جلسة مجلس النواب، على اعتبار أن اغلبية الثلثين، التي قضت المحكمة الاتحادية على وجوب توافرها في مسألة نصاب انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، كانت عائقا أمام تشكيل حكومة الأغلبية التي يدعو لها الصدر، خصوصا أن نسبة 220 نائب غير متوفرة حتى الآن وتحتاج إلى زيادة ومفاوضات، وثانيا استطاع من خلال هذه الخطوة تلافي ضغط أو تحقيق الإطار التنسيقي للنصاب الجزئي في مسألة تعطيل الجلسة".
ولم ينجح قائد فيلق القدس "الجناح الخارجي للحرس الثوري الايراني"، إسماعيل قاآني، من إقناع الصدر بالتحالف مع الإطار التنسيق وتشكيل الكتلة الأكبر التي أسند اليها الدستور العراقي عملية تشكيل الحكومة، خلال الاجتماع الذي جمعهما الثلاثاء الماضي، ونشر الصدر عقب لقائه قاآني تغريدة على تويتر أكد فيها تمسكه بتشكيل "حكومة أغلبية وطنية، لا شرقية ولا غربية".
ويرى الأمين العام لحراك التيار الوطني العراقي، علي البياتي، أن الصدر وجه عبر تجميده المفاوضات رسالة للعامل الإقليمي (في إشارة لإيران) مفادها أن مركز القرار ومركز صنع القرار كان وما زال وسيبقى هو النجف.
ويضيف لموقع "استمرار الضغوطات التي يمارسها العامل الإقليمي في بغداد وأربيل، لن تجدي نفعا، لأن الصدر اتخذ قراره وهو ماض بتشكيل حكومة أغلبية وطنية خدمية إصلاحية لا يكون قرارها قادما من خلف الحدود لا شرقاً ولا غرباً"، مشيرا إلى أن الصدر وجه في نفسه الوقت رسالة إلى الإطار التنسيقي وبقية الكتل مفادها، أنه بدون الكتلة الصدرية وبدون قرار النجف لن تكون هناك أي حكومة.
ويواصل قاآني منذ إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في أكتوبر الماضي محاولاته لرأب صدع البيت الشيعي عبر زيارات غير معلنة إلى العراق ولقائه قادة الفصائل المسلحة والأحزاب السياسية، لكن هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح حتى الآن، خاصة أن طهران تحاول تشكيل حكومة توافقية تكون حصة الأسد فيها لحلفائها وهذه المحاولات تصطدم مع التحالف الذي بدأ الصدر بتشكيله مع الكتل الفائزة في الانتخابات بعد الإعلان عن النتائج النهائية.