رغم تعثر الالتزام في بدء تطبيقه حسب التوقيتات الملزمة التي جاءت في تشريعه قبل عامين، إلا أن خطوات الشروع بتنفيذ قانون الضمان الصحي (التأمين الصحي) بدأت شيئاً فشيئاً، لكن ببطء، نتيجة العديد من العراقيل والتحديات.
وكان البرلمان العراقي أقر في أكتوبر 2020، القانون، الذي جاء في 12 فصلاً بواقع 44 مادة. وكان يجب أن يدخل حيز التنفيذ في فبراير 2021، بحسب ما نصت عليه المادة الأخيرة، إلا أن العمل به لم يحصل إلا في أغسطس 2021، وأوكلت المهمة لهيئة الضمان الصحي.
يقول المتحدث باسم الهيئة، إيهاب عبد الكريم إن "الفترة بين شباط (فبراير) وآب (أغسطس) كانت مخصصة للتسجيل وتقديم الخدمات وإجراءات تشكيل الهيئة ووضع الضوابط وواجبات تشكيلات الضمان الصحي"، في إشارة إلى عدم تنفيذه مباشرة.
ويؤكد أن "العمل جارٍ مع وزارة الصحة والنقابات المعنية لوضع الواجبات وحزم الخدمات وقوائم الأدوية وأعداد النظم الرقابية، بالإضافة لموضوع الحوكمة الإلكترونية والاستمارة الإلكترونية الخاصة بالتسجيل التي سيتم الإعلان عنها قريباً عبر منصة أور الحكومية".
"التوقيتات الزمنية الخاصة بتنفيذ القانون كانت من أهم العقبات في شروع تنفيذه، لأنها غير كافية، فحجم المشروع كبير جداً ويتطلب تجهيزات واستعدادات كبيرة، من بينها قاعدة بيانات وتهيئة البنى التحتية للمؤسسات الصحية بما يرفع من جودة أدائها"، يتابع عبد الكريم.
أعاد قانون الضمان الصحي للموظفين، بشأن تسديد نسبة شهرية من رواتبهم وبشكل اجباري، فتح النقاش من جديد حول التدهور الحاصل في النظام الصحي ومدى جودته، هل هناك بالفعل ضمانات حكومية؟ وهل تمثل الاستقطاعات التي سيسددها الموظفين، حرصا
وبشأن تعليق التنفيذ واستكمال مراحل التطبيق بإقرار الموازنة العامة، يوضح عبد الكريم، أن "تمويل صندوق الضمان الصحي يأتي عبر عدة قنوات فصلها القانون، وفي حال كان الإنفاق الكلي أكبر من قيمة المدخلات سيلتزم مجلس الوزراء بتغطية العجز المالي".
ويقول إن "فلسفة قانون الضمان الصحي، تقوم على توزيع الضرر بين الجميع، من مبدأ التكافل الاجتماعي وبما يرفع من مستوى الخدمات الصحية التي تليق بالمواطن العراقي".
ويضيف عبد الكريم: "من المفترض أن يسهم الضمان الصحي في تقليل نسب الإنفاق التي يبذلها المواطن على الاستطباب والأدوية العلاجية من 60% إلى أقل من 30%".
وبحسب الخطط الموضوعة، من المفترض أن ينفذ قانون التأمين الصحي على ثلاث مراحل، تنطلق أغسطس المقبل، لكنه لا يزال بانتظار إقرار الموازنة العامة، المتأخرة نتيجة تعطّل تشكيل الحكومة منذ انتخابات أكتوبر الماضي.
و تتضمن المرحلة الأولى تسجيل المواطنين الموظفين بصورة إلزامية لشمولهم بالضمان الصحي، وبعدها يكون تسجيل كافة المواطنين بصورة اختيارية، ثم بمرور عدة أشهر عندما يبدأ تنفيذ القانون يتم تسجيل كل المواطنين في المرحلة الثالثة.
وللهيئة بحسب القانون الجديد موازنة مالية تغذيها مصادر عدة حددتها المادة (12)، بينها ما يخصص للوزارة من الموازنة العامة للدولة وبدلات الاشتراك والأقساط السنوية أو الشهرية للمشتركين، فضلاً عن الضرائب المستحصلة على تجارة السجائر وأنواع التبغ الأخرى والمواد الضارة صحياً والمشروبات، بنسبة ٣٥% من مجموع الإيرادات والضرائب والغرامات.
وحسب القانون يكون التسجيل إلزامياً للحصول على التأمين الصحي لموظفي مؤسسات الدولة، لكنه اختياري للمتقاعدين والعوائل وأرباب العمل والنقابات.
وفي المادة (27) من القانون، يُفترض أن يتم استيفاء مبالغ من الدرجات الخاصة بنسبة 2.5% واستيفاء نسبة 1% من الرواتب الكلية لموظفي الدولة الآخرين ومن يقابلهم في القطاع الخاص.
كما ينص القانون على شمول بعض الشرائح مجاناً بالضمان الصحي، وهم أحد الزوجين غير الموظف وأبناء الموظف حتى 21 سنة والمستمرون بالدراسة منهم لغاية 24 سنة، والبنات العازبات والنساء المطلقات والأرامل من غير الموظفات.
وتقدم الخدمات المجانية بموجب القانون الجديد لكل من مرضى السرطان والمصابين بالأمراض النفسية والعقلية وأمراض الدم الوراثية وعجز الكلى والتخلّف الذهني وأصحاب الاحتياجات الخاصة من الأجهزة الأمنية بأصنافها كافة، والذكور غير الموظفين ممن تجاوزت أعمارهم 60 سنة، والإناث غير الموظفات ممن تجاوزت أعمارهن 55 سنة والأطفال دون سن الخامسة.
من جهته، يؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر، أن مراحل تنفيذ القانون "ستستغرق سنوات".
ويرى الطبيب علي العنبوري، أن "قانون الضمان الصحي من حيث الشكل مقبول وعلامة تعاف في بناء ورعاية الفرد، ولكن من الناحية الواقعية والتطبيقية لا يتعدى الأمر أكثر من كونه احتيالاً على جيوب الفقراء".
ويضيف أن "استقطاع الاشتراكات من المواطنين وبمختلف الفئات المشمولة في ظل البنى المؤسساتية الصحية المتهالكة ومستوى الأداء الهابط للخدمات المقدمة إلى المرضى، يمثل احتيالاً على مدخلات الفرد وسرقة مشرعنة تحت غطاء قانوني".