لايزال الغموض يسود المشهد السياسي المقبل في العراق، وعلى وجه الخصوص شكل الحكومة المقبلة، حيث يصر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على رفض إشراك زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في أي تشكيلة حكومية.
وفشلت كل المحاولات السابقة بين الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية في ترطيب الأجواء بين الصدر والمالكي، اللذين يقودان أكبر كتلتين شيعيّتين.
ومع إصرار مقتدى الصدر على إبعاد المالكي، يواجه رفقاء رئيس الوزراء السابق خيارات صعبة. فالتحالف مع مقتدى الصدر الساعي إلى تشكيل حكومة أغلبية قد يعني التنازل عن خيار الحكومية التوافقية التي يطالبون بها، وربما التخلي حتى نوري المالكي في سبيل تشكيل الحكومة.
أما في حالة تشبث التنسيقيين بنوري المالكي، فقد يعني هذا التوجه إلى المعارضة، أو حتى مقاطعة العملية السياسية.
ومؤخراً، جدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تمسكه بحكومة الأغلبية في كلمة بثها مكتبه الإعلامي.
واعتبر الصدر أن "حكومة الأغلبية الوطنية جاءت بعد تفشي الفساد في البلاد. فلا بد من إبعاد بعض القوى السياسية التي من منحاها الفساد، وإبعادها عن الحكومة الجديدة التي من شأنها الاعتناء بالشعب أكثر من نفسها"، دون الكشف الصريح عن أسماء تلك الأطراف التي يعنيها زعيم التيار الصدري.
و فتح مقتدى الصدر المجال لتحالف محتمل مع زعيم تحالف الفتح المنضوي تحت راية الإطار التنسيقي هادي العامري شرط عدم انضمام المالكي إلى هذا التحالف.
في المقابل، خرج زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي عن صمته في تغريدة "ساخنة"، أشار فيها إلى "عدم ترحيبه بالشراكة مع الصدر في حال شكّل الأمر ضرراً على مصلحة العراق".
وقال رئيس الوزراء السابق في تغريدته: "يدي ممدودة لأفضل العلاقات، إذا كانت فيها مصلحة العراق وشعبه. ومن دونها لا أحب ولا أرحب بأي علاقة وشراكة مع أي طرف يضر بمصلحة العراق وكرامة الناس".
أما فالح الفياض رئيس تحالف العقد الوطني، فدعا في بيان إلى "وحدة البيت السياسي الشيعي والتكامل بين الإطار والتيار".
يتوقع الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاصل على 31 مقعداً في البرلمان، والذي يتزعمه مسعود بارزاني، حصول "انشطار" في الإطار التنسيقي، وذهاب البعض منه إلى مسار الأغلبية الذي يقوده الصدر.
القيادي في الحزب عماد باجلان قال "حزبنا لا يريد مزيداً من التفكك، ونريد وحدة الصف، ولمّ الشمل سواء في البيت الشيعي أو السني أوالكردي، والتفكك ليس من مصلحة العراق".
وحمّل باجلان "الكتل السياسية الشيعية"، مسؤولية "الإخفاق" في عدم التوافق وتضييع ما أسماه بـ"الفرصة التاريخية".
وبالإجابة على سؤال بشأن "إمكانية تفكك الإطار التنسيقي في ظل تمسك الصدر بالأغلبية والمالكي بالتوافقية"، قال باجلان: "نتوقع التحاق بعض أطراف التيار التنسيقي مع الأغلبية الوطنية.. لا نستبعد التحاق جزء من الإطار بالأغلبية الوطنية دون جزء آخر".
وأردف القيادي في حزب بارزاني، الداعم لمبدأ الأغلبية، قائلاً: "الصدر رافض لدولة القانون، وأكبر كتلة في الإطار التنسيقي والمتصدرة فيه هي دولة القانون الحاصلة على 33 مقعداً، وهذه المعضلة بشأن تحديد مصير الإطار التنسيقي، بينما باقي أطراف الإطار بإمكانهم الالتحاق بالأغلبية، لذا مصير الإطار يعتمد على حلفاء المالكي في الإطار التنسيقي ذاته".
لا يستبعد ائتلاف دولة القانون الذي يقوده نوري المالكي أيا من الخيارات المقبلة، بما في ذلك خيار المقاطعة.
عضو الائتلاف وائل الركابي قال "الإطار التنسيقي يرفض إقصاء طرف على حساب آخر في تشكيل الحكومة المرتقبة. ولا يوجد هذا المبدأ في العرف السياسي العراقي".
ويضيف: "الفوز والخسارة لا تُملي شروطاً متمثلة بوجود طرف على حساب آخر في العملية السياسية، كما يجري حاليا من موقف محسوب على التيار الصدري إزاء دولة القانون".
ووفقا للركابي، فإن "الإطار متماسك" وهو أمام خيارين: "الأول هو الدخول بأكمله إلى الحكومة المقبلة، أو الاتجاه إلى عدم المشاركة والذي يحتوي هو الآخر على شقين: اللجوء إلى المعارضة أو المقاطعة".
ويعتبر القيادي في دولة القانون أن خيار المعارضة ليس مستبعدا. "إذا استطعنا جمع 120 نائباً فسيكون للمعارضة تأثير واضح في البرلمان. لكن إذا دخلنا بـ88 مقعداً فلن يكون ذلك مؤثراً"، يقول الركابي.
واستبعد الركابي تضحية الإطار التنسيقي بزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي للمشاركة في الحكومة. يقول: "بعيدون كل البعد عن سيناريو تقسيم أو تشظي الإطار التنسيقي. ولن يتم الالتفاف على المالكي من قبل الأخير، والمالكي لو ذهب إلى تشكيل الحكومة فلن يذهب دون التيار الصدري. وهذا يأتي بهدف عدم السماح لأعداء العراق باستغلال أي فجوات قد تحدث داخل البيت الشيعي".