الصفحة الرئيسية / سيناريوهات العراق السياسية بعد زيارة الأربعين: صدام جديد أم خضوع لحكم المفاوضات؟

سيناريوهات العراق السياسية بعد زيارة الأربعين: صدام جديد أم خضوع لحكم المفاوضات؟


يترقب الشارع العراقي والمعنيون، ما ستؤول اليه اوضاع البلد بعد انتهاء زيارة الاربعين في مدينة كربلاء، وعودة سيناريوهات الازمة السياسية الى الواجهة، سيما في ظل هدوء نسبي فرضه واقع الزيارة وحرمة الشهر الحالي على الاطراف المتنازعة، وهي التيار الصدري والاطار التنسيقي، في وقت لا تلوح في الافق اي بوادر لحلحلة الازمة الحالية، بل قد تشهد البلاد مصادمات جديدة، وفقاً لسياسيين.
 
المحكمة الاتحادية العليا، قررت يوم الاربعاء (7 أيلول 2022)، رد دعوى حل مجلس النواب العراقي، المقدم من اكثر من جهة سياسية، ولاسيما من التيار الصدري، حيث رأت أن اعضاء مجلس النواب بعد انتخابهم لا يمثلون انفسهم ولا كتلهم السياسية وانما يمثلون الشعب ولذا كان من المقتضى عليهم العمل على تحقيق ما تم انتخابهم لأجله وهي مصلحة الشعب لا ان يكونوا سبباً في تعطيل مصالحه وتهديد سلامته وسلامة الشعب بالكامل، وأن استقرار العملية السياسية في العراق يفرض على الجميع الالتزام بأحكام الدستور وعدم تجاوزه ولا يجوز لأي سلطة الاستمرار في تجاوز المدد الدستورية الى ما لا نهاية لأن في ذلك مخالفة للدستور وهدم للعملية السياسية بالكامل وتهديداً لأمن البلد والمواطنين، مشيرة الى ان الجزاء الذي يفرض على مجلس النواب لعدم قيامه بواجباته الدستورية هو حل المجلس عند وجود مبرراته، وأن دستور جمهورية العراق لعام 2005 قد رسم الآلية الدستورية لحل مجلس النواب وفقاً لأحكام المادة (64/ اولاً) منه، وأن اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا محددة بموجب المادة (93) من الدستور والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا وليست من ضمنها حل البرلمان.
 
وزير الصدر، صالح محمد العراقي، شدد على أن "البعض يسعى من المحبّين وبالطرق القانونية الى إرجاع الكتلة الصدرية الى البرلمان، وقبل أن أعطي رأيي في هذه المسألة أقول: قد كان أول النتائج المتوخاة من إنسحابهم هو سدّ كافة الطرق للتوافق مع ما يسمى (الاطار التنسيقي) فمثلي لا يتوافق معهم البتة، ثم إن رجوع الكتلة الى مجلس النواب فيه إحتمال ولو ضعيف في إيجاد هذا التوافق، وهو ممنوع عندنا"، موضحاً انه "في حال منعه، فإن عودتهم ستكون إنسداداً سياسياً مرة أخرى، فإن قيل: إنما عودتهم لأجل حلّ البرلمان لا لأجل التوافق معهم، أقول: إذا عدنا فلابدّ أن يكون الحلّ مرضياً عند حلفائنا من السنة والكورد، ولا أظنه كذلك، فإن كان: فلا داعي لرجوعنا بل بمجرّد إنسحابهم سيفقد البرلمان شرعيته وسيحلّ مباشرة".
 
صالح العراقي، استدرك: "نعي كثرة الضغوط على حلفائنا، لكن التضحية من أجل إنهاء معاناة شعب بأكمله أيضاً أمر محمود ومطلوب، فالشعب لا التيار هو من يرفض تدوير الوجوه وإعادة تصنيع حكومة فاسدة مرة أخرى، فالكرة في ملعب الحلفاء لا في ملعب الكتلة الصدرية"، وفقاً لصالح العراقي، مردفاً: "أما الرأي النهائي في مسألة عودة الكتلة الصدرية الى مجلس النواب فهو ممنوع منعاً باتاً ومطلقاً وتحت أي ذريعة كانت، إذ يرفض الفاسدون حكومة لا شرقية ولا غربية ذات أغلبية وطنية، ونحن نرفض حكومة توافقية رفضاً قاطعاً"، مضيفاً أن "حلّ البرلمان ممكن بلا عودة الكتلة الصدرية ولاسيما مع وجود حلفائها في مجلس النواب وبعض المستقلين الذين للآن هم على التل، لذا أدعو الحلفاء والمستقلين لموقف شجاع ينهي الأزمة برمتها، ولن يكون الحلّ حينئذ تيارياً بل سيكون حلّ البرلمان وطنياً: سنّي وشيعي وكوردي ومستقلين ليبقى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء على رأس حكومة لتصريف الأعمال وللإشراف على الإنتخابات المبكرة أو بمعونة آخرين عراقيين أو دوليين".
 
بعض الاطراف التابعة للتيار الصدري ذكرت انه تم جمع تواقيع من 180 نائباً لعقد جلسة نيابية، تحدث البعض منهم ان الغرض منها هو التصويت على رئيس الجمهورية ومن ثم تكليف مرشح رئيس الوزراء (محمد شياع السوداني) لتشكيل الحكومة المقبلة، فيما تحدث البعض الاخر عن عقد الجلسة لتمرير قرارات تخص الشارع العراقي والمواطنين.
 
توقعات بمصادمات جديدة بعد زيارة الأربعين
 
بهذا الصدد قال النائب عن ائتلاف دولة القانون جاسم العلوي، انه "لم يتم تحديد موعد جلسة البرلمان المقبلة، لكن معظم الاطراف السياسية متوجهة الى استئناف جلسات البرلمان بعد زيارة الاربعين"، مبينا ان "الغرض من تلك الجلسات هو معالجات لبعض القرارات المتعلقة بالازمة الحالية، وبعض المشاكل القائمة والمهمة، وليس عقد جلسات لغرض تشكيل الحكومة".
 
وأوضح العلوي ان "الجلسات ستستأنف تدريجياً لمعالجة ومناقشة بعض القرارات المهمة التي تخص المواطنين العراقيين، ومن ثم يكون خلال الجلسات المقبلة قرار سياسي بين القوى السياسية لتشكيل الحكومة".
 
وبشأن احتمال انه في حال تم الاعلان عن عقد جلسة هل ستحدث مشكلة مع التيار الصدري، ذكر العلوي: "نتوقع ذلك، ولازالت القوى السياسية لحد اللحظة لم تنضج الحوار مع التيار الصدري باستمرار الامور او انهاء الازمة، ولا نعرف ماذا يضمر الصدريون لنا من مواقف في الايام المقبلة"، داعيا الجميع الى ان "يسيروا بعمل ضمن الاطر الدستورية، أما الطريق الاخر اذا سلكناه على هذا التناحر السياسي ربما يؤدي بالبلد الى الفوضى والمتضرر الوحيد هو الشعب العراقي".
 


 
الأزمة السياسية العراقية وصلت الى شهرها الحادي عشر على التوالي، من دون أي بوادر تلوح في الأفق بحل قريب خلال الفترة الحالية، بعد تعليق مجلس النواب العراقي عمله.
 
وسبق للمحكمة الاتحادية، وهي أعلى سلطة تشريعية في العراق، أن حالت دون تمكّن التيار الصدري، الفائز الأول في الانتخابات التشريعية التي جرت في 10 تشرين الأول 2021 مع تحالفه الثلاثي (التيار الصدري والسيادة والديمقراطي الكوردستاني)، من تشكيل الحكومة، والذي تطلّب وفقاً لما نصت عليه المحكمة، تحقيق شرط تصويت ثلثي أعضاء البرلمان على رئيس الجمهورية الذي يكلف بدوره مرشح الكتلة الكبرى بتشكيل الحكومة، وهو ما لم يتحقق بسبب صعوبة تحشيد 220 نائباً من أصل 329.
 
ابتعاد بوادر حلحلة الازمة السياسية
 
من جانبه، قال حيدر التميمي، المتحدث باسم كتلة عطاء (برئاسة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض) لشبكة رووداو الاعلامية، حول امكانية عقد جلسة بعد زيارة الاربعين، ان "الموضوع بات من الصعب جداً، لكنه جزء من الخيارات المطروحة"، مبينا ان "العملية السياسية الحقيقية الناجحة تتمثل بعقد جلسة برلمانية، ووفقها ووفقاً للمعايير فإن أي مخرج قانوني او دستوري لا يقفز على الدستور وكل البنود الموجودة سيكون مرحباً به".
 
واستدرك التميمي ان "مسالة اتخاذ اي قرارت استناداً الى الشارع او الضغط او القوة والقفز على الاسس والمعايير سيمس كثيراً الواقع السياسي والعملية الديمقراطية في العراق، وحتى وان كان هنالك اختلاف وجهات نظر يمكن التقريب بينها شريطة ان لا يكون هنالك خروج على الضوابط والقوانين"، منوها الى ضرورة "الاصرار على ان تكون تحت قبة البرلمان والتعامل مع الدستور، فنحن لدينا دستور وقانون وبرلمان ورئاسات ثلاث ونواب وصلوا عن طريق صناديق الاقتراع. لماذا نلجأ الى طرق اخرى خلاف ذلك؟".
 
المتحدث باسم كتلة عطاء، نوه الى انه "لا مجال حالياً عن اي حديث غير اجواء الاربعينية، وبعدها ربما يكون حوار او تصاعد"، مستدركاً انه "لابد ان يكون هنالك صوت للعقل وتحركات ومجموعة من المقترحات والسيناريوهات التي ممكن ان تطرح بعد زيارة الاربعينية"، معرباً عن أمله في أن "يكون اي خيار، شريطة ألا يمس بواقع المجتمع والعملية السياسية، وان يحفظ وحدة العراقيين".
 
بشأن وجود اي انفراجة بالعملية السياسية الحالية، قال التميمي ان "بوادر حلحلة الازمة السياسية ابتعدت الان، وليس الأمر كما تشتهي العقول التي تفكر بايجاد ساحة سليمة ومناخ جاهز للحوار"، مردفا ان "بعض التعقيد يشوب الموضوع، لكن كل شيء ممكن ان يحل ويعالج، وهنالك اصوات تفكر بمقترحات عديدة، ووقتها لكل حادث حديث".
 


 
"لا توجد جرأة لعقد جلسة نيابية"
 
بدوره، أكد عضو مجلس النواب العراقي عن حركة امتداد ضياء الهندي "نحن كحركة امتداد لا يوجد لدينا اي اتصال مع الاطار التنسيقي حول موضوع عقد جلسة مجلس النواب المقبلة بعد الانتهاء من الزيارة الاربعينية، ولا توجد لدينا معلومات حول عقد الجلسة".
 
اما بخصوص جمع تواقيع 180 نائبا لعقد جلسة برلمانية، اوضح الهندي انه "مجرد كلام ولا يوجد شيء رسمي"، مشددا على انه "لا توجد جرأة لعقد جلسة بعد زيارة الاربعين الا بعد عقد اتفاقات سياسية بين الاطار والكورد والسنة"، متوقعاً أن "تكون هنالك توجهات لحلحلة الامور، من خلال المبادرة التي اطلقها رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، وهي نفسها الموجودة لدى المستقلين".
 

النائب عن حركة امتداد ضياء الهندي

 
وشهدت العاصمة العراقية بغداد، الاثنين (29 آب 2022) تطورات أمنية خطيرة، عبر دخول الالاف من انصار التيار الصدري الى داخل المنطقة الخضراء، عقب اصدار المرجع الشيعي كاظم الحائري بياناً، ومن ثم قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر "الاعتزال"، وبعد ذلك توجه الالاف من انصار التيار الصدري الى المنطقة الخضراء، واقتحموا القصر الجمهوري، في رد غاضب منهم على الاوضاع الحالية التي يمر بها العراق، لتبادر القوات الامنية الى اعلان حالة حظر التجوال في بغداد وغلق المنافذ المؤدية الى العاصمة، ومن ثم اعلان حظر التجوال الشامل في عموم المحافظات العراقية.
 
وحصلت عقبها اشتباكات مسلحة بين متظاهرين مناصرين للتيار الصدري وفصائل مسلحة في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد، اسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى، ومن ثم انسحب أنصار التيار الصدري من المنطقة الخضراء بعد مطالبة زعيم التيار مقتدى الصدر لهم بالانسحاب خلال ساعة واحدة.
10-09-2022, 11:47
العودة للخلف