الصفحة الرئيسية / صهر ترامب ينشر مذكراته.. ليلة مقتل سليماني ولقاء العبادي "سراً"

صهر ترامب ينشر مذكراته.. ليلة مقتل سليماني ولقاء العبادي "سراً"

 قبل أيام قليلة، نشر جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، مذكراته بعنوان "Breaking History"، والتي كشف فيها العديد من كواليس الأحداث الكبرى التي كان شاهدًا عليها بحُكم منصبه بالقرب من الرئيس الأميركي السابق.

لم يكن العراق بعيدًا عن تلك الأحداث؛ فرئاسة ترامب شهدت العديد من اللحظات الحاسمة التي مرّت بالعراق بدايةً من الانسحاب العسكري الجزئي من البلاد وانتهاء بمقتل الجنرال الإيراني العسكري قاسم سليماني في بغداد بصاروخ من طائرة أميركية.

في مذكراته، منحنا كوشنر الكثير من تفاصيل تلك الأحداث بعدما كان شاهدًا أساسيًا عليها.

في كتابه، كشف كوشنر جانبًا من كواليس زيارته إلى العراق في أبريل 2017، والتي لم يكن يُخطّط لها في ذلك الوقت المُبكر من عُمر الإدارة الأميركية، التي تسلّمت السُلطة في يناير 2017م.


قبل أسابيع قليلة من الزيارة التقى كوشنر بالجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، خلال حفل عشاء عقده الرئيس ترامب مع كبار القادة العسكريين. على هامش الحفل، دعاه دانفورد لزيارة العراق والاطلاع عن أوضاع الشرق الأوسط عن قُرب. يقول كوشنر  إنه وافق على الفور لأنه تعلّم من "والده أن القائد لا يستطيع اتخاذ قرارات جيدة وهو في برج عاجي" وإنما عليه أن يتفاعل مع الناس في الواقع.

يحكي كوشنر أنه فور وصوله العراق عانَى من ارتفاع درجة الحرارة، كما ظلَّ يراقب حركة الجنود المتحفزين من حوله وسط صافرات الإنذار التي تدوّي بشكلٍ شبه منتظم، وطالَع آثار تدمير أحد قصور صدام حسين. عندها سأل نفسه "منذ أشهر، كنتُ أعقد صفقات عقارية في نيويورك. الآن أنا أحلّق فوق قصر صدام حسين، ماذا أفعل هنا؟".

في بغداد، أجرى كوشنر لقاءً مع رئيس الوزراء حينها حيدر العبادي الذي طلب الالتقاء به على انفراد. في الاجتماع، ذكّر العبادي كوشنر بتصريح ترامب بأن الدول عليها أن تدفع لأميركا الكثير من الأموال مقابل توفير الحماية لها، ثم أعرب عن استعداده للدفع مقابل تأمين الحماية الأميركية وعرض على كوشنر الدخول في مباحثات للحصول على "أرخص صفقة" ممكنة، حسب ما يقول كوشنر.

هنا، فكّر صهر ترامب في أن الحصول على 20% من عائدات بيع النفط العراقي سيكون مثاليًا مقابل توفير الدعم العسكري. لكنه لاحقًا تراجع عن هذا الاقتراح بسبب رفض ريكس تيلرسون وزير الخارجية وجيم ماتيس وزير الدفاع للفكرة من الأساس، كما يقول.

في مذكراته، كشف كوشنر أن جيمس ماتيس وزير الدفاع الأميركي خلال حُكم ترامب كان يعتبره "خطرًا على العالم"!

يقول كوشنر إن هذا الموقف شاركه فيه جون كيلي رئيس موظفي البيت الأبيض اللذين كانا يعتبران نفسيهما أكثر خبرة في القضايا الأمنية من ترامب، لذا فإنهما جاهدا لتعطيل قراراته بشأن الانسحاب من العراق. وحينما طلب منهما ترامب تقييما لتداعيات قرار الانسحاب -حال اتخاذه- رفضا تقديم هذا التقييم.

 
يوم قُتل سليماني
 
يروي جاريد كوشنر أن ترامب كان يخوض اجتماعًا ببعض مستشاريه في الثاني من يناير 2020، حينما دخل روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي وقال لترامب بلهجة غامضة: "سيدي الرئيس، لقد حان الوقت".

وبحسب كوشنر، فإن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أخبره قبل ليلة من ذلك الاجتماع بأن ترامب يخطط لخطوة "ستغير اللعبة"، مشيرا إلى أنه لم يعرف عما كان يتحدث غراهام.

فور استدعاء ترامب، نظر للحاضرين في الغرفة، وقال: "انتظروا هنا، سأعود لاحقًا"، ثم غادر مُسرعًا. يؤكد كوشنر أنه لم يكن على علمٍ بما يحدث، لكنه توقّع بأن الرئيس سيتأخر، فظلَّ الحضور يتبادلون الحديث عدا دان سكافينو نائب رئيس موظفي البيت الأبيض، الذي انشغل بتصفّح "تويتر" عبر هاتفه، حتى صاح فجأة: "هناك انفجار في العراق، الناس يقولون إن شيئًا ما وقع في المطار".

بعد 5 دقائق، عرف سكافينو هوية ضحية الانفجار، وعرض على الموجودين في الغرفة تغريدة صحفي إيراني تظهر صورة ليدٍ مقطوعة مغطاة بالرماد وغارقة في الدماء لكن أصبعها مزين بخاتم كبير أحمر اللون. بجانب هذه الصورة وضع الصحفي الإيراني صورة حديثة للجنرال قاسم سليماني يرتدي نفس الخاتم. هنا، عرف كوشنر هوية القتيل: الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، العدو اللدود للولايات المتحدة ولحلفائها في الشرق الأوسط.

بعد ذلك، ظهر ترامب وهو يبدو هادئًا وكأن شيئًا لم يكن، وطلب استكمال المناقشات. ويعتبر كوشنر أن تلك إحدى المزايا الكبرى لترامب وهي قُدرته على الاحتفاظ بهدوئه في أصعب المواقف.

يقول كوشنر إنه، في 20 يونيو 2019، أي قبل مقتل سليماني، أسقطت إيران طائرة أميركية بدون طيار، وبعدها نفذت مليشيات عسكرية مدعومة من إيران هجومًا بالصواريخ على قاعدة أميركية في 27 ديسمبر أسفر عن مقتل مقاول عسكري وإصابة 4 جنود. هنا، قرّر ترامب أن وقت الانتقام قد حان، وأن خير ضربة توجّه إلى إيران هي التخلُّص من سليماني.

وكشف كوشنر أن الطائرة التي نّفذت المهمة من نوع "Reaper Drone"، وأنها أطلقت على سليماني صاروخ من نوع Hellfire أصاب السيارة خلال ثانيتين وحوّلها إلى كومة مشتعلة.

عقب الضربة، ارتأى ترامب -بناءً على نصيحة عددٍ من مستشاريه- ألا يصدر تصريحًا يتبنّى الضربة، مفضلاً أن "يتكلم الواقع عن نفسه"، وهي النصيحة التي لم تُعجب كوشنر.

طيلة اليوم، يقول جاريد كوشنر، تلقّت الإدارة الأميركية اتصالات من قادة العالم للإعراب عن ترحيبهم بتلك الخطوة لكنهم كانوا يخشون قول ذلك علانية. وفي صبيحة اليوم التالي، زار كوشنر ترامب في غرفة نومه وأكّد له أن عدم تبني تلك الضربة سيكون مُضرًّا.

رأى كوشنر أن على ترامب إيضاح أن تلك الخطوة لم تكن استباقية، ولكن انتقامًا لقتل آلاف الجنود الأميركيين في العراق بسبب سليماني. استجاب ترامب لنصيحة صهره وخرج في خطابٍ أعلن فيه للأميركيين نجاح قواته في تصفية "الإرهابي رقم 1 في العالم، معتبرًا أن تلك الخطوة جاءت لمنع الحرب لا لبدئها"، كما يقول كوشنر.


وبحسب كوشنر، فإن الضربة التي وجّهتها إيران إلى القاعدتين الأميركيتين في العراق لم تُحدثا أي ضرر بسبب تحسُّب الجيش مسبقًا لتلك الخطوة عبر إيواء الجنود في الملاجئ المحصنة، وأنه عقب الضربة تلقّت أميركا رسالة من إيران عبر وسيط سويسري أن الإيرانيين "سيكتفون بهذا الرد، وإذا ما كنّا انتهينا فهم انتهوا أيضًا".
1-09-2022, 13:14
العودة للخلف