الصفحة الرئيسية / حافظ وصدام.. العداء الذي غيّر مصير الشرق الأوسط

حافظ وصدام.. العداء الذي غيّر مصير الشرق الأوسط

مرصد/ تحقيقات.

في 22 يوليو عام 1979م، استضافت قاعة الخُلد مؤتمرًا بعثيًا بدأ به صدام حسين حُكمه كرئيسٍ جديدٍ للعراق. توقّع الجميع حدَثًا بروتوكوليًّا يُبايع فيه الحزب الحاكم قائده الجديد الذي نجح لتوّه في الإطاحة بقائده ومعلمه أحمد حسن البكر.
بدلاً من ذلك، فوجئوا بصدّام يُعلن بوجهٍ صارم أن بعض رفاق حزبه تآمروا على الحزب وعلى العراق لصالح الرئيس حافظ الأسد في سوريا. وبطريقة درامية تمامًا، أخرج صدام من جيبه قائمة بأسماء عدد من "الرفاق" تلَاها على الحضور مُطالبًا الموجودين في اللائحة بالخروج من القاعة، حيث استقبلهم ضباط صدام وجنوده ثم اعتقلوهم وزجوا بهم في السجن،  ليعدم أغلبهم لاحقًا.
حُكم على المئات بالإعدام أو السجن في أوضاعٍ مزرية، فخلت الساحة تمامًا أمام صدام للاستحواذ على السُلطة بقبضةٍ من حديد. لكن ثمن ذلك كان غاليًا: خراب علاقته بـ"سوريا الأسد" لسنواتٍ طويلة تالية، قرار سيكون صدام أول المعترفين بخطئه لاحقًا وسيحاول تصليحه.
جذور العداء 
لا نعلم الكثير عن طبيعة العلاقة التي جمعت بين صدام حسين وحافظ الأسد خلال مرحلة ما قبل السُلطة، حين كانا لا يزال كادرين واعدين ضمن قواعد حزب البعث. لكنهما على الأرجح كغيرهما تأثرا بتقلّبات السياسة والانتماءات العديدة التي مزّقت حزب البعث من الداخل. يقول حسن صبرا في كتابه "سوريا: سقوط العائلة وعودة الوطن"، إن "الكيمياء لم تجمع يومًا بين الرفيقين المتصارعين على قيادة البعث؛ حافظ الأسد وصدام حسين".
الثابت أنه في فبراير 1966م، انقلب اليساريون البعثيون في سوريا على مؤسسَيْ الحزب ميشال عفلق وصلاح البيطار وأطاحا بهما من منصبيهما، وشكلوا قيادة جديدة للحزب طردت القياديين أحمد حسن البكر وصدام حسين من منصبيهما في الفرع العراقي من البعث.
لم يكتب لهذا ذلك القرار أن ينفذ أبدا، بل بدلاً من ذلك أعلن البكر وصدام قيادة قطرية جديدة للبعث في بغداد، حظيت بدعم المؤسس المطرود من بلده والمحكوم عليه بالإعدام ميشال عفلق.
فرّ بعثيو القيادة القومية إلى العراق حيث اختبأوا من تلاميذهم السوريين في حُضن الجناح العراقي، الذي سُرعان ما وصل إلى الحُكم بدوره عقب انقلاب يوليو 1968م. أدانت دمشق "البعثية" انقلاب يوليو "البعثي" ووصفت قادته بـ"اليمينيين المتواطئين مع الخارج".
أصبحت بغداد قِبلة لكل معارضي البعث السوري من سياسيين سوريين كبار أمثال أمين الحافظ وزيد حيدر وصلاح البيطار وهُم من كبار مؤسسي البعث.
يقول كمال ديب في كتابه "زلزال في أرض الشقاق: العراق 1915-2015: "وهكذا أصبح الحزب حزبين، وأصبح من الضروري إضافة لقب "سوري" أو "عراقي" عند التكلم عن حزب البعث.
فور استقرار أوضاع البعثيين العراقيين في السُلطة، أصبحت بغداد قِبلة لكل معارضي البعث السوري من سياسيين سوريين كبار أمثال أمين الحافظ وزيد حيدر وصلاح البيطار وهُم من كبار مؤسسي حزب البعث، وعسكريين بارزين مثل عبده الديري (ضابط مخابرات عسكرية) وسليم حاطوم ضابط الصاعقة السوري الذي شارك في انقلاب فبراير لكنه ندم لاحقًا، فخطط بصحبة مجموعة من الضباط للإطاحة بحافظ الأسد وصلاح جديد من السُلطة، لكنه فشل ففر إلى بغداد.

وسط هذه الأجواء الساخنة، انفجرت قنبلة في شارع الرشيد وسط بغداد فاتهم العراق سوريا بتدبير الحادث. ثم، لاحقًا قُتل أحمد العزاوي -عراقي الجنسية- وهو أحد الكوادر الرئيسية للبعث السوري فاتهمت دمشق بغداد بالوقوف وراء هذا الاغتيال.

وسرعان ما نشبت أيضًا "حرب مياه" بين البلدين، فقطع البعث السوري مياه نهر الفرات عن العراق، وهو ما ردّت عليه بغداد بإيقاف ضخ النفط عبر الأنبوب الذي يمتدّ في أراضي سوريا. ولم تتوقف الحرب الإعلامية بين الطرفين عن الاشتعال.

هكذا، عاش جناحا البعث في عداءٍ كبير تجذّر أكثر عقب انقلاب الأسد على صلاح جديد واستفراده بالسُلطة في نوفمبر 1970م. عندها، حاول ميشال عفلق قيادة مبادرة صُلح بين حافظ الأسد والبكر وصدام إلا أنها لم تُحقق أي نجاح.


وحتى عندما سارع العراق في حرب أكتوبر 1973م إلى تقديم دعمٍ عسكري سخي إلى سوريا، ظلّت شكوك القيادة السورية في نوايا بغداد قائمة.

يقول نزار الخزرجي، قائد القوة العراقية التي حاربت في الجولان، إنه عقب وصوله إلى دمشق لاحظ انتشار كمٍّ كبيرٍ من الدبابات السوفيتية الحديثة، وهو موقف استغربه كثيرًا، متسائلا عن عدم إرسال كل هذه الأسلحة إلى الجبهة في ظل احتدام المعارك مع الإسرائيليين؟ في رأي نزار، فإن هذه الدبابات وُضعت لمراقبة القوات العراقية المتدفقة على الجبهة خوفًا من قيامها بانقلاب على النظام السوري.

وإلى ذلك، يضيف صبرا أن المخابرات السورية كانت تضيّق على حركة الضباط العراقيين على الجبهة خشية أن يحرّضوا المعارضة السورية على الانقلاب ضد الأسد!

وعقب التوصّل لاتفاق إطلاق النار، بادر العراق بسحب قواته من سوريا فورًا رغم إلحاح القيادة السورية عليه عدم فعل ذلك حتى لا تنكشف خطوطه، حسبما روى مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري خلال الحرب.

ولاحقا، عقب تجاوز "أزمة حرب أكتوبر" وتوقيع السادات اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، اتفق البكر وحافظ الأسد على توحيد دولتيهما في كيانٍ واحد يتقاسمان فيه السُلطة. وهو إجراءُ لو تمَّ كان سيجعل مصير صدّام في تلك الدولة الجديدة مجهولاً، وهو ما دفعه سريعًا للتخلُّص من البكر ثم إعلان "المؤامرة السورية" للإجهاز على كل مؤيدي المشروع داخل البعث وخارجه.

يقول صبرا: "كان صدام وريث فكرة سياسية تجعل سوريا ساحة طبيعية لطموح ساسة العراق، في وقتٍ خرج فيه حافظ بسوريا من منظور تلك الساحة، ليرمي بطموحه في تحويل البلاد العربية المحيطة به إلى ساحات لعب لجموحه وممارساته".

سريعًا راحت العلاقات بين الطرفين تتدهور شيئًا فشيئًا خاصةً مع احتدام الحرب العراقية مع إيران، والتي مالت فيها سوريا إلى كفّة طهران.

في العالم التالي لأزمة قاعة الخُلد، أعلنت بغداد قطع علاقتها الدبلوماسية مع دمشق بسبب اتهامها بـ"توريد الأسلحة لإيران"، وهو القرار الذي ردّت عليه سوريا بإغلاق الحدود مع العراق، وأهمها المنافذ التجارية والأنبوب الذي كان ينقل البترول العراق عبر سوريا إلى العالم ليحرم بغداد من تصدير بترولها عبر موانئ البحر المتوسط. ولم يعد أمام العراق إلا الاعتماد على الأردن وميناء العقبة المُطل على البحر الأحمر، وهو ما كان له أثر بارز على توطّد العلاقات بين صدّام والملك حسين.

بلغ الخلاف بين الرجلين حد "التراشق الصبياني" أحيانًا، مثلما حدث عندما طرح المُطرب السوري موفق بهجت "يا صبحة هاتي الصينية" وحققت نجاحًا كبيرًا في سوريا وفي العراق.


غضب صدام فور سماع الأغنية بعدما اعتبر أنها تتعرّض لأمه "صبحة طلفاح"، والتي منحها لقب "أم المناضلين". أوعز صدام لأجهزته الأمنية ليس فقط بمنع تداول الأغنية، بل باعتقال كل من يسمعها. عندما بلغ هذا الأمر حافظ الأسد أمر إذاعة سوريا ببث الأغنية عدة مرات يوميًّا، كما أمر المطرب موفق بهجت بتصويرها حتى يتمكن التلفزيون السوري هو الآخر من عرضها مرارًا.

أيضًا، استضافت سوريا العديد من فصائل المعارضة العراقية مثل البعثيين العراقيين المنشقين والحزب الوطني الكردستاني وحزب الدعوة. وكلها كيانات دأبت على معارضة صدام حسين ونظام حُكمه، وهي الخطوة التي لم يتردد صدام في اتخاذ مثلها عبر استضافة طوائف شتّى من قوى المعارضة السورية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين.

وتشعّب العداء بين الرجلين إلى حربٍ بالوكالة في لبنان، بعدما دعّم صدام الجنرال ميشيل عون عدو سوريا اللدود. وبفضل هذا الدعم أعلن عون انطلاق ما أسماها "حرب التحرير" ضد الجيش السوري في لبنان.

غضب صدام فور سماع الأغنية بعدما اعتبر أنها تتعرّض لأمه "صبحة طلفاح"، والتي منحها لقب "أم المناضلين".

وفي لقاء جمع صدام بقادة جبهة تحرير سوريا -المعارضة التي ترعاها بغداد- قال الرئيس العراقي: كانت حرب اليمن واستدراج عبد الناصر لها سببًا أساسيًّا في هزيمته عام 1967م، وسنهزم حافظ الأسد في لبنان بعد أن وقع في المصيدة.

على أرض لبنان، دعم صدام تحالف فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية برئاسة كمال جنبلاط في الحرب ضد قوات الجبهة اللبنانية المدعومة من الجيش السوري (هذا لم يمنع الأسد من دعم الفلسطينيين وكمال جنبلاط في الكثير من محطات الحرب أيضا في إطار التقلبات السياسية التي شهدتها الحرب خلال 15 سنة من عمرها).

أشهر مَن عانى من تلك الحرب غير المباشرة هو الشاعر السوري نزار قباني، الذي توفيت زوجته -عراقية الجنسية- بلقيس في تفجير ميليشيات مدعومة من سوريا لمقر السفارة العراقية في بيروت عام 1981م.

وبسبب هذا الحادث هاجم قباني الأسد لأول مرة في حياته في قصيدته قائلاً: "سأقول في التحقيق.. إن اللص أصبح يرتدي ثوب المقاتل.. وأقول في التحقيق.. إن القائد الموهوب، أصبح كالمقاول".


 
أميركا وإيران على الخط
 
بحسب تقرير استخباراتي كشفت عنه وسائل الإعلام، فإن واشنطن لم تكن راضية عن إغلاق حافظ الأسد لخط أنابيب النفط العراقي واعتبرته ضد مصالحها، خاصةً أنها في تلك الآونة كانت تتبع سياسة أكثر تأييدًا للعراق بسبب خوضه حربا ضد إيران.

وبحسب الوثيقة، فإن أميركا دعت صدام ليتّبع سياسة أكثر هجومية ضد الأسد ليزيد من الضغوط الواقعة على كاهل سوريا.

لا تبيّن الوثيقة رد الفعل العراقي على هذه المقترحات، لكنها في الأغلب كانت سلبية. ففي هذه الفترة كانت القوات الإيرانية حققت مكاسب عدة ونجحت في طرد العراقيين خارج حدود بلادها ثم اخترقت التراب العراقي ذاته، وهي الخطوة التي أثارت امتعاض دمشق. وبحسب فاروق الشرع وزير الخارجية السوري فإن بلاده أعلنت للإيرانيين "رفضها احتلال أي أراضٍ عربية".

هذا الإعلان لم يغير كثيرًا من سوء الأوضاع بين "سوريا الأسد" وبين "عراق صدام". فخلال الحرب مع إيران كشف دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأميركي الأسبق أنه زار العراق كمبعوثٍ إلى الشرق الأوسط من قِبَل الرئيس رونالد ريجان. خلال اللقاء أراد صدام أن يُبيّن لرامسفيلد مدى فظاعة الجيش السوري فعرض عليه فيديو لـ"مجندات سوريات يقطعن رؤوس ثعابين"، وهي الهدية التي اعتبرها رامسفيلد مدهشة وتحديدًا من شخص كصدام حسين!

في المقابل، وبحسب الباحث محمد الأحمري في كتابه "العرب وإيران"، فإن الخلاف المستديم بين العراق وسوريا لعب دورًا في تحسين علاقة الأخيرة بإيران، وطوال وجود الأسد وصدام في الحُكم كانت علاقة دمشق بطهران تتطوّر يومًا بعد يوم، وهي العلاقة الوثيقة التي لا تزال تظهر آثارها حتى اليوم.

وفي كتابه "التحالف السوري الإيراني والمنطقة"، كشف عبد الحليم خدام أن أحد ثوابت السياسة الخارجية السورية لفترة طويلة كانت "إسقاط النظام العراقي وإقامة نظام وطني جامع بدلاً منه"، وهو ما دفع سوريا لبذل جهودٍ نشطة بالتعاون مع إيران من أجل توحيد المعارضة العراقية تحت راية واحدة تمكّنها من إسقاط صدام يومًا ما.

 
القمم العربية شاهدة على الخلافات
 
عام 1986م، نظّم العاهل الأردني الملك حسين لقاءً سريًّا جمع بين الرئيسين. وبحسب الشرع، فإن الملك حسين فرض ستارا كاملا من السرية على هذه الخطوة حتى إنه هو الذي كان يقدّم الطعام بنفسه للرئيسين خلال اجتماعهما الذي دام 11 ساعة متواصلة.

ورغم عدم نجاح هذا اللقاء في إحراز أي تقدم، فإن الرجلين اتفقا على إجراء المزيد من اللقاءات علّها تضيف تحسنًا على العلاقات بين الطرفين.

بالفعل، شهدت القمة العربية بعمّان عام 1987م تجاوُر الرئيسين خلال اجتماعات القمة التي شهدت عودة مصر، وتحدّثت وسائل الإعلام مطولاً عن هذه اللقطة أكثر من نتائج القمة نفسها، وهو السؤال الذي تردّد أكثر من مرة على أعضاء الوفد العراقي عقب انتهاء المؤتمر، منها ما ردَّ عليه طه ياسين رمضان نائب صدام حسين حينها بقوله "أن هذا المؤتمر سادته أجواءٌ من الصراحة المباشرة أكثر من غيره" وهو ما اعتبره أمرا مفيدا في إعادة العلاقات إلى نصابها الطبيعي.

وفي هذه القمة تحديدًا، تعمّد المنظمون إعداد عشاء جماعي للقادة العرب جلس فيه صدام بجوار الأسد حيث تبادلا الحديث عدة مرات. يروي الشرع أن الرئيسين خلال المأدبة اعترفا لبعضهما بسعيهما للإطاحة بالآخر من منصبه لكنهما فشلا في ذلك.

وكان لافتًا أن وسائل الإعلام المحلية في كلا الدولتين -الناطقتين بلسان نظامي الحُكم- التزمت بالصمت إزاء هذا الحدث في إقرار رسمي ضمني أن هذا اللقاء وهذا العشاء لن يُعيدا الأمور لنصابها الصحيح.

يروي فاروق الشرع أن الرئيسين خلال المأدبة اعترفا لبعضهما بسعيهما للإطاحة بالآخر من منصبه لكنهما فشلا في ذلك.

عقب انفضاض القمة استمرّت حالة الجفاء بين الرجلين، وتجلّت خلال فعاليات القمة العربية في الدار البيضاء عام 1989م، إذ يقول الشرع في مذكراته إن صدام راح يتصرّف كـ"بطل قومي" انتصر لتوّه في حرب إيران، وسعى لمحاولة عزل سوريا بسبب موقفهما "المتناقض" في لبنان.

وفي هذه القمة تحديدًا، شنَّ صدام هجومًا لاذعا على الأسد خلال اجتماع الرؤساء. يحكي خدام: "خرج الرئيس الأسد من الاجتماع محتقنًا وغاضبًا، وكانت علامات الانزعاج الشديد والتوتر ظاهرةً بشكلٍ واضح على وجهه وحركاته". وحسبما قال خدام، فإن الأسد قال له إن صدام شكّك في عروبة سوريا وحاكمها وحاول أن يؤلّب قادة القمة العربية عليها.

وفي حوارٍ للرئيس المصري الراحل حسني مبارك، كشف أنه عندما تقرّر عقد القمة العربية في بغداد عام 1990م، تمنّى مبارك أن يحضرها كل القادة العرب لإزالة حالة الخصام التي كانت بين الطرفين، إلا أن الأسد رفض بشدة الحضور بسبب المشاداة العنيفة التي حدثت بينهما خلال القمة السابقة التي نظمها المغرب عام 1989م.

يحكي مبارك أنه حاول طويلاً إقناع الأسد بالحضور لكن الأخير رفض بسبب ما وصفه مبارك بـ"الخلاف العميق" بين الأسد صدّام.

 
صُلحٌ بسبب إسرائيل والأردن
 
تفاقمت الأجواء بين الرجلين بسبب حرب الكويت، بعدما عارَضت سوريا الغزو العراقي. وخرج الأسد في خطابٍ إذاعي ناشد فيه صدام حسين بالانسحاب، وهو الطلب الذي رفضه صدام مثلما رفض باقي المناشدات العربية والعالمية بالانسحاب.

وخلال الإعداد لجهود تحرير الكويت، شاركت سوريا بـ16 ألف جندي ضمن قوات التحالف الدولي التي طردت الجيش العراقي وأعادته إلى بلاده مرغمًا.

استمرّت هذه الأوضاع السيئة حتى عام 1994م، حين وقّع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل، وهي خطوة أرعبت سوريا والعراق فعارضاها علنًا، ونشطت قنوات الاتصال السرية بين البلدين لـ"إذابة الخلافات العميقة" والاتحاد ضد التغيرات الاستراتيجية الكبرى على حدودهما.

تبادل الأسد وصدام رسائل سرية -كُشف النقاب عنها مؤخرًا- كشفت رغبة بغداد الشديدة في إعادة العلاقات السياسة والاقتصادية بين البلدين. لاحقًا تُرجمت الخطوات ببطء إلى تبادل البلدان زيارة الوفود الاقتصادية وفتح المعابر التجارية والحدود، لكن الرئيسين لم يلتقيا أبدا. وفي عام 2000م، أُعلنت وفاة حافظ الأسد لتكون نهاية لا رجعة فيها لذلك الخلاف المستعصي مع صدام الذي غيّر كثيرًا من مصير حياتنا في الشرق الأوسط.

مصادر إضافية
"مذكرات مقاتل: الحرب العراقية- الإيرانية 1980-1988"، نزار فيصل الخزرجي (كتاب).
"العلاقات العراقية- السورية: نحو مزيدٍ من التأزم، مصطفى عبد العزيز مرسي" (بحث).
"مرآة حياتي"، مصطفى طلاس (كتاب).
"التحالف السوري الإيراني والمنطقة"، عبدالحليم خدام (كتاب)
12-08-2022, 22:17
العودة للخلف