الصفحة الرئيسية / هكذا تحدثن عن معاناتهن.. قصص فتيات عراقيات يذهبن سراً للأطباء

هكذا تحدثن عن معاناتهن.. قصص فتيات عراقيات يذهبن سراً للأطباء

"كان عمري 15 سنة حين أدركت أن الدورة الشهرية لم تأتني بتاتاً، فسألت أمي، لتأخذني بدورها إلى عيادة الطبيبة النسائية"، تقول زهراء من بغداد.
وتضيف الشابة البالغة من العُمر اليوم 19 عاماً، أنها "من أسرة محافظة ينظر أفرادها بحساسية شديدة إلى مراجعة الفتيات العازبات عيادة نسائية".
وتتابع زهراء "شعرت أمي بالقلق بشأني حينذاك،لكن خوفها الأكبر من أن يعلم والدي وإخوتي بذهابنا للطبيبة النسائية، لأن ذلك يبعث شكوكاً لديهم تتعلق بشرفي وأخلاقي"، حسب تعبيرها.
ذهبتا إلى الطبيبة وعرفتا أن سبب تأخر الدورة الشهرية عنها "ضمور المبيض لديها"، لكنهما لم تتمكنا بعد ذلك من مراجعة العيادة مرة ثانية، بسبب اكتشاف والد زهراء الأمر، ما "عقّد" المسألة.
تتذكر زهراء المحنة التي مرت بها، وتقول بسخرية: "لم يتفهم والدي ما يحدث لي من معاناة، وكل تركيزه أنني وصمة عار، لولا اتصاله بالطبيبة للتأكد من الحقيقة". 
هذه التجربة جعلتها "مستاءة للغاية، وتخشى من أنها لن تتمكن من معالجة نفسها"، مردفةً "لم أبذل أية جهود خشية من والدي وإخوتي الذين يعتقدون أن الطبيبة النسائية للمتزوجات فقط".

"تقرير يحميها"
منذ سنوات وهديل عباس، من بغداد، تخفي عن الجميع حقيقة الحادث الذي تعرضت له ابنتها وتسبب بجرح في عضوها التناسلي، وكيف أخذتها مسرعة لطبيبة نسائية خشية أن تكون صحتها الإنجابية قد تأثرت . 

تقول "آنذاك كان من الصعب تحديد إصابتها وعمق جرحها، دون الاستعانة بطبيبة نسائية، وكان ذلك في غاية الصعوبة. فإذا عرف أحد أنني عرضت طفلتي لطبيبة نسائية قد يظن أنها تعرضت للاغتصاب". 

آنذاك، طلبت الأم من الطبيبة بعد تشخيص حالة ابنتها، كتابة "تقرير رسمي يحميها من الأقاويل والتهم المحتملة لاحقاً".  

توضح هديل: "نعيش في مجتمع لا يتقبل مناقشة دخول الفتاة لعيادة نسائية لفحصها سريرياً حتى بين النساء، لأن الأمر كله يتعلق بنظرة سلبية تجاه العذرية وارتباطها بالعفة والشرف، لذا تقلق الكثير من الأمهات من أية إصابة أو حادثة تتعرض لها بناتهن في المناطق التناسلية".

وتشير إلى أن الكثير من الأمهات يصطحبن بناتهن إلى العيادات الطبية النسائية كي يتمكنّ من تشخيص بعض ما يعانينه من أمراض ومعالجتهن، ولكن "بشكل سري للغاية" خشية من نظرة المجتمع السلبية.

 
"فهم خاطئ"
بدورها، تقول أخصائية الأمراض النسائية، الدكتورة سلوى حاتم: "قد لا يخطر في بال أحد أن غالبية العوائل العراقية تتحفظ على مسألة مراجعة بناتها غير المتزوجات لعيادات الطب النسائي بذريعة الخوف عليهن". 

وتوضح أن "واحدة من تلك المخاوف تتمثل بطريقة الفهم الخاطئة حول إمكانية أن تلجأ الطبيبة لفحص الفتاة سريرياً، ما قد يؤدي إلى فقدان عذريتها، أما المسألة الثانية فتتعلق باحتمالية أن تكون الفتاة مغتصبة أو مارست الجنس بطريقة غير شرعية فتلجأ لمساعدة طبيبة". 
"واجهت الكثير من القصص التي تكون فيه الفتاة ضحية اتهام بسمعتها الأخلاقية، لأنها كانت تعاني من بعض الأمراض التناسلية التي تتطلب متخصصة بالطب النسائي لمعالجتها، إذ يعمد والدها أو رجال عشيرتها بالاتصال بي أو حتى زيارتي ليتأكدوا من أن شرف العشيرة على ما يرام"، تقول الطبيبة. 
وتتابع: "ساعدت كثيرات من حيث تشخيص أمراضهن أو إنقاذهن من شكوك الأهل الواهمة، لكني شهدت أيضاً وقوع الكثير منهن ضحايا هذه النظرة".   

وتشير حاتم إلى أن ثقافة المجتمع هذه ضد مراجعة الفتيات لطبيبة نسائية "نظرة قديمة لكنها حاضرة اليوم بل وتتزايد بحكم تزايد الممارسات القبلية واتساع سلطتها".
24-07-2022, 11:17
العودة للخلف