بسبب الغاز.. إيران وتركيا تخوضان "حرباً خفية": هذه حقائق قصف أربيل والسليمانية المتصاعد
يشهد صراع النفوذ بين إيران وتركيا في العراق مرحلة جديدة، يسودها الاصطدام المسلح غير المباشر في ظل أزمة الطاقة الدولية إثر الغزو الروسي لأوكرانيا. فمساعي أنقرة لاستيراد غاز كردستان العراق تصطدم مع محاولات طهران إفشال خطة تصدير الغاز الكردي.
وتعرضت قاعدة زليكان العسكرية التركية شمال شرق مدينة الموصل شمال العراق خلال الأشهر الستة الماضية من العام الحالي إلى نحو 8 هجمات بصواريخ وطائرات مسيرة، أسفرت إحداها التي وقعت في أبريل الماضي عن مقتل جندي تركي.
ورغم عدم إعلان أي تنظيمات أو فصائل مسلحة مسؤوليتها بشكل علني عن هذه الهجمات، إلا أنها لطالما كانت تحظى بإشادة الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق.
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي، علاء النشوع، أن العلاقات التركية الايرانية مع العراق علاقات مبنية أساسا على الهيمنة والاحتلال.
يقول "بمحكوم ثوابت التاريخ، الدولتان لهما ادعاءات كثيرة بشأن الأراضي العراقية، ولدى كليهما أحلام الامبراطورية في ضم الأراضي العراقية الغنية بالنفط والغاز والموارد الطبيعية الأخرى، التي تدعم الاقتصاد والأمن القومي لهما".
ويشير النشوع الى أن الأتراك يسيطرون الآن على مساحات واسعة من الأراضي العراقية سواء عبر قاعدتهم العسكرية زليكان في بعشيقة أو مواقعهم الـ14 المنتشرة في شمال وشمال شرق العراق. وهم يحاولون بشتى الوسائل الحصول على موطئ قدم، وموازاة التوغل والنفوذ الايراني الذي ابتلع وسط وجنوب العراق".
وبحسب النشوع، تمكن الجيش التركي من التوغل داخل العمق العراقي بنحو 60 كيلومترا برا وأكثر من 200 كيلومترا جوا عبر عمليته العسكرية الأخيرة "قفل المخلب"، التي أطلقها في أبريل الماضي والمتواصلة حتى الآن لإنهاء تواجد العمال الكردستاني في مناطق متينا والزاب وأفشين التابعة لمحافظة دهوك الواقعة على الحدود العراقية التركية.
ويؤكد النشوع على أن "الصراع التركي الايراني في العراق يقوض الأمن القومي العراقي ويهدد الأمن والاستقرار وينتهك سيادة العراق في كل المجالات"، مبينا "الصدام المستمر والدوري بين إيران وتركيا تصاعد بشكل كبير جدا بين أدوات الطرفين بشكل يوحي إلى حدوث كارثة عبر تحقيق داعش لكل أهدافه في استغلال الفرصة".
وشهد يونيو الحالي تغييرا ملحوظا في الصراع بين الجانبين، عندما استهدفت طائرة مسيرة تركية في 17 يونيو سيارة على متنها 5 ركاب، بينهم قيادات بارزة في حزب العمال الكردستاني من ضمنهم فرهاد شبلي، نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية الكردية في سوريا، قرب مدينة كلار جنوب محافظة السليمانية المحاذية للحدود الإيرانية، وهي المحافظة التي يعتبرها مراقبون منطقة نفوذ إيراني في كردستان العراق، وبالتالي فالغارة تشير إلى احتدام الصراع بين الدولتين، حيث لم تتوان تركيا في استهداف معارضيها الأكراد في داخل مناطق النفوذ والحماية الإيرانية.
ويرى الصحفي محمد مهدي، المختص بالشؤون العراقية التركية، أن التقارب التركي الإيراني لم ينته بعد، "سعي تركيا لتنويع مصادر الغاز الواصل إليها من أجل تأمين احتياجاتها، ومن تلك المصادر هي عن طريق كردستان الأمر الذي يواجه اعتراضات وهجمات من عناصر العمال الكردستاني والفصائل المسلحة الموالية لإيران".
وليس التواجد التركي الذي يتعرض للهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة فحسب، بل تعرضت مدينة أربيل عاصمة كردستان العراق وضواحيها خلال فترة عام ونصف الماضية لأكثر من 12 هجوما، منها 5 هجمات نفذت بطائرات مسيرة. أما الهجمات الأخرى فنفذت بصواريخ، كان من بينها الهجوم الصاروخي الذي استهدف المدينة في مارس الماضي وأعلن الحرس الثوري الايراني مسؤوليته عنه.
وأشارت المعلومات بعد كل هجوم خلال الأشهر الماضية إلى وقوف المليشيات العراقية الموالية لإيران خلفه. ورغم أن هذه المليشيات لا تعلن مسؤوليتها عن تنفيذ هذه الهجمات، إلا أنها وعبر الصفحات الرسمية التابعة لها على شبكات التواصل الاجتماعي تعلن دعمها لها.
وتعرض حقل كورمور الغازي في قضاء جمجمال بمحافظة السليمانية بإقليم كردستان، الذي تعمل فيه شركتا دانة غاز والهلال الإماراتيتين لهجومين صاروخيين متتالين، يومي الأربعاء والخميس الماضيين. لكن، أكدت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان أن "انتاج الغاز لم يتأثر بالهجومين".
وتكشف الهجمات الصاروخية التي تشنها إيران وأذرعها على الإقليم ومراكز إنتاج الطاقة فيه خشية إيران من تصدير الغاز الكردي واعتباره تهديدا لمكانة طهران كمورد للغاز إلى تركيا والعراق.
وأكد رئيس وزراء كردستان، مسرور بارزاني، في جلسة نقاشية خلال مشاركته في منتدى الطاقة في دبي الذي عقد نهاية مارس الماضي: "نحن أحد مراكز توفير الطاقة، ليس فقط لإقليم كردستان، بل لأوروبا والعالم بأسره، نجد المزيد من النفط ونحاول تطويره، وهذا ليس في مصلحة الإيرانيين".
ويرى الكاتب والصحفي، علي البيدر، أن تعرض التواجد التركي لهجمات صاروخية من قبل أطراف موالية لإيران، والدعم الإيراني للعمال الكردستاني ستدفع بأنقرة إلى إعادة النظر بعلاقاتها مع طهران.
ويوضح البيدر : "تعمل تركيا على بناء تحالفات لها داخل المنظومة السياسية العراقية، وهذه التحالفات ربما تؤدي دورا واضحا في تحقيق رغباتها بعيدا عن المواجهة المباشرة مع طهران، التي تمتلك نفوذا واسعا داخل العراق".
27-06-2022, 12:19
العودة للخلف